فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٧٤
الدابة وأن تتفكر في مفاسد قضاء هذا الوطر فإنه لو لم يكن جنة ولا نار ففي مفاسده الدنيوية ما يصد عن إجابة ذلك الداعي لكن عين الهوى عمياء (فر عن معاذ) بن جبل وفيه هشام بن عمار قال أبو حاتم صدوق تغير فكان يتلقن كما يلقن وقال أبو داود حدث بأكثر من أربعمائة حديث لا أصل لها وفيه سعيد بن سنان عن أبي الزاهرية وهو الحمصي قال الذهبي في الضعفاء متهم بالوضع.
135 - (اتقوا الظلم) الذي هو مجاوزة الحد والتعدي على الخلق وقال الراغب: هو لغة وضع الشئ في غير موضعه المختص به بنقص أو زيادة أو عدول عن وقته أو مكانه ويقال لمجاوزة الحق الذي يجري مجرى نقطة الدائرة انتهى وذلك لأن الشرائع تطابقت على قبحه واتفقت جميع الملل على رعاية حفظ الأنفس فالأنساب فالأعراض فالعقول فالأموال، والظلم يقع في هذه أو في بعضها وأعلاه الشرك (إن الشرك لظلم عظيم) * وهو المراد بالظلم في أكثر الآيات * (والكافرون هم الظالمون) * ويدخل فيه ظلم الإنسان لنفسه بارتكاب المعاصي إذ العصاة ظلام أنفسهم، وأقبح أنواع ظلم من ليس له ناصر إلا الله، قال ابن العزيز: إياك إياك أن تظلم من لا ينتصر عليك إلا بالله فإنه تعالى إذا علم التجاء عبد إليه بصدق واضطرار انتصر له فورا * (أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء) (فإن الظلم) في الدنيا (ظلمات) على أصحابه بمعنى أنه يورث ظلمة في القلب فإذا أظلم القلب تاه وتحير وتجبر فذهبت الهداية والبصيرة فخرب القلب فصار صاحبه في ظلمة (يوم القيامة) فالظلمة معنوية لما كان الظلم مفضيا بصاحبه إلى الضلال الذي هو ضد الهدى كان جديرا بالتشبيه بالظلمة كما في ضده من تشبيه الهداية بالنور وقيل حسية فيكون ظلمه ظلمات عليه فلا يهتدي في القيامة بسببه وغيره من المؤمنين يسعى نوره بين يديه قال الحراني:
والظلمة ما يطمس الباديات حسا أو معنى. وقال الزمخشري: هي عدم النور وانطماسه بالكلية وقيل عرض ينافي النور من قولهم ما ظلمك أن تفعل كذا أي ما منعك وشغلك لأنها تسد البصر وتمنع الرؤية وجمعها دلالة على إرادة الجنس اختلاف أنوار الظلم الذي هو سبب لأنواع الشدائد في القيامة من الوقوف في العرصات والحساب والمرور على الصراط وأنواع العقاب في النار (حم طب) عن ابن عمر قال الهيتمي: فيه عطاء ابن السائب وقد اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح (هب عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب أورده البيهقي من طريقين وفي أحدهما مالك بن يحيى اليشكري، ساقه الذهبي في الضعفاء وقال جرحه ابن حبان وفي الآخرى عمرو بن مرزوق أورده الذهبي في ذيل الضعفاء وقال غيره ثقة وقال الدارقطني كثير الوهم وبما تقرر يعرف ما في رمز المؤلف لصحته من المجازفة.
136 - (اتقوا الظلم) بأخذ مال الغير بغير حق أو التناول من عرضه ونحو ذلك قال بعضهم:
ليس شئ أقرب إلى تغيير النعم من الإقامة على الظلم (فإن الظلم ظلمات يوم القيامة) فلا يهتدي الظالم
(١٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة