فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٦٩
فلوه وهذا هو سر التعبير هنا بالرب دون غيره والمراد بالإدخال مزيد رفع الدرجات والتجاوز عن السيئات وإلا فمجرد الإيمان كاف لمطلق دخولها وقد أشار بهذا الخبر إلى أمهات الأعمال البدنية والمالية من الأفعال والتروك فالصلاة مشار بها إلى التجلي بكل خير والتخلي عن كل شر * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * والصوم المطلوب منه سكون النفس الأمارة بالسوء وكسر شهوتها عن الفضول بالجوارح لخمود حركة لذاتها وعنه يصفو القلب ويحصل العطف على الفقراء فإنه لما ذاق الجوع أحيانا ذكر به من هذا حاله في كلها أو جلها فتسارع إليه الرقة فيبادر بالإحسان فينال من الجزاء ما أعد له في الجنان والزكاة طهرة للنفس عن دنس البخل والمخالفة وللمال بإخراج الحق لمستحقه والإنفاق خلافه والبخل عزل عن خلافة الله تعالى فمتى جاد الإنسان بالعطية عن طيب قلب ورضا نفس تمت خلافته وعظم فيه سلطانه وانفتح له باب إمداد برزق أعلى وإن بخل واستغنى تضاءل أمر خلافته وانقطع عنه المدد من الأعلى فبحق كانت الزكاة من أمهات الأعمال فافهم هذا المقال (تنبيه) سئل جدنا شيخ الإسلام يحيى المناوي عن وجه تأخير الزكاة عن الصلاة في الذكر مع أن كلا فرض يكفر جاحده فأجاب بأن ذلك لمعان منها أن الزكاة لا تجب إلا على الأغنياء ومنها أنها لا تجب في العام إلا مرة واحدة ومنها أنها تؤخذ جبرا (ت) وقال حسن صحيح (حب ك) وكذا البيهقي (عن أبي أمامة) بضم الهمزة وخفة الميم واسمه صدى بضم المهملة الأولى وفتح الثانية مصغرا ابن عجلان ضد المتأني الباهلي بالموحدة وكسر اللام السهمي آخر الصحابة موتا بالشام وهو مشهور ورواه الخلعي في فوائده وقال حجوا بيت ربكم وأدوا زكاتكم طيبة بها نفوسكم.
129 - (اتقوا الله) في تجنب المحارم والقيام بالواجب (وصلوا) بكسر الصاد وضم اللام مخففة من الصلة وهي العطية (أرحامكم) فإن قطيعتها مما يجب أن يتقي جمع رحم عام في كل رحم محرما وارثا وضدهما على الأصح والمراد الإحسان إليهم قولا وفعلا وكف الأذى عنهم وقد تضافرت على ذلك نصوص الكتاب والسنة وكفاك شاهدا على تأكد حقها والتحذير من قطعها قرنه سبحانه إياها باسمه في قوله تعالى * (واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام) * قال في الكشاف: قد آذن عز وجل إذ قرن الأرحام باسمه أن صلتها منه بمكان كما قال * (ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا) * وفيه أنه يحرم قطع الرحم بل هو من الكبائر (ابن عساكر) في تاريخه (عن ابن مسعود) بسند ضعيف ورواه الطبراني باللفظ المزبور عن جابر وزاد فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم ورواه ابن جرير وعبد بن حميد عن قتادة وزاد فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة وبذلك يصير حسنا . 130 - (اتقوا الله) خافوه واجتنبوا التطلع إلى ولاية المناصب (فإن أخونكم) أي أكثركم خيانة
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة