فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٧٢
مبسوطات أصول كتب الحديث قال بعضهم: وعموم الخبر يشمل الكذب في غير الدين ومن خصه به فعليه الدليل (ومن قال في القرآن برأيه) أي من شرع في التفسير من غير أن يكون له خبرة بلغة العرب ووجوه استعمالاتها في نحو حقيقة ومجاز ومجمل ومفصل وعام وخاص وغير ذلك من علوم القرآن ومتعلقات التفسير وقوانين التأويل (فليتبوأ مقعده من النار) المعدة في الآخرة لأنه وإن طابق المراد بالآية فقد ارتكب أمرا فظيعا واقتحم هولا شنيعا حيث أقدم على كلام رب العالمين بغير العالمين بغير إذن الشارع ومن تكلم فيه بغير إذنه فقد أخطأ وإن أصاب قال الغزالي: ومن الطامات صرف ألفاظ الشارع عن ظاهرها إلى أمور لم يسبق منها إلى الأفهام كدأب الباطنية فإن الصرف عن مقتضى ظواهرها من غير اعتصام فيه بالنقل عن الشارع وبغير ضرورة تدعو إليه من دليل عقلي حرام - (حم ت) في التفسير (عن ابن عباس) رمز المصنف لحسنه اغترارا بالترمذي قال ابن القطان: وينبغي أن يضعف إذ فيه سفيان بن وكيع قال أبو زرعة: متهم بالكذب لكن ابن أبي شيبة رواه بسند صحيح. قال أعني ابن القطان فالحديث صحيح من هذا الطريق لا من الطريق الأول انتهى وبه يعرف أن المصنف لم يصب في ضربه صفحا عن عزوه لابن أبي شيبة مع صحته عنده وممن جرى على سنن ابن القطان في تضعيف رواية الترمذي الصدر المناوي فقال فيه شيخ الترمذي سفيان بن وكيع ضعيف وأقول فيه عند أحمد عبد الأعلى الثعلبي أورده الذهبي في الضعفاء وقال ضعفه أحمد وأبو زرعة.
134 - (اتقوا الدنيا) أي احذروا الاغترار بما فيها فإنها في وشك الزوال ومظنة الترحال فلا تقربوا الأسباب المؤدية للانهماك فيها أو الزيادة على الحاجة فإنها عرض زائل وحال حائل وقال بعضهم أقبلت الدنيا وكم قتلت كم سترت الدنيا وكم فضحت فالسعيد من إذا مدت إليه باعها باعها والشقي من إذا مدت إليه باعها أطاعها والدنيا عند أهل الطريق عبارة عما شغل عن الله سبحانه وتعالى (واتقوا النساء) أي احذروا الافتتان بهن وصونوا أنفسكم عن التطلع إليهن والتقرب منهن بالحرام (فإن إبليس) من أبلس تحير أو من البلس محركا من لا خير فيه أو عنده إبلاس وشر والمبلس الساكت حزنا كذا قرره وأبطله الكشاف بأنه لو كان إفعيلا من الإبلاس كما زعموا لم يكن فيه إلا سبب واحد وهو العلمية وكان منصرفا فمنع صرفه دليل العجمة قال ابن العماد: ولإبليس اثنان وثلاثون اسما ومن أولاده ثلاثة عشر لكل منهم اسم يخصه (طلاع) بفتح الطاء وشد اللام صيغة مبالغة من قولهم رجل طلاع الثنايا مجرب للأمور ركاب لها يعلوها ويقهرها ويهجم عليها بشدة وغلبة قال الزمخشري: ومن المجاز طلع علينا فلان هجم (رصاد) بالتشديد أي رقاب وثاب كما يرصد القطاع القافلة فيثبون عليها. قال الراغب: والرصد الاستعداد والترقب وقال الزمخشري: رصدته رقبته وفلان يخاف رصدا من قدامه وطلبا من ورائه أي عدوا يرصده * (فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا) * ومن المجاز أنا لك بالرصد والمرصاد أي لا تفوتني وفي التنزيل * (إن ربك لبالمرصاد) * أي مراقبك لا تخفى عليه
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة