فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٧٨
الأحاديث على الكراهة (د ه ك هق) وكذا الطبراني (عن معاذ) بن جبل وظاهر صنيع المؤلف أن مخرجيه خرجوه ساكتين عليه والأمر بخلافه فقد جزم أبو داود نفسه بأنه منقطع وتبعه عبد الحق وابن القطان وغيرهما مبينين أن انقطاعه فيما بين أبي سعيد الحميري ومعاذ ولم يدركه بل أبو سعيد هذا مجهول أيضا كما قاله الذهبي وغيره لكن قال النووي إنه حديث حسن قال الولي العراقي ولعله ارتقى درجة الحسن بوجود الشواهد قال مغلظاي هو كما قالوا لكن له شواهد عند أحمد انتهى وقد أحسن المؤلف حيث عقبه فقال:
140 - (اتقوا الملاعن الثلاث) قالوا: وما هي يا رسول الله قال: (أن يقعد أحدكم) لقضاء حاجته ويقضيها (في ظل) نكره للعموم فيعم ظل الحائط والشجر وغير ذلك (يستظل) بالبناء للمفعول أي يستظل الناس (فيه) للوقاية من حر الشمس وقيس به موضع الشمس في الشتاء (أو في طريق) أي مسلوك للمسلمين قال الولي العراقي: وهل ذكر قارعة الطريق في الحديث قبله تقييد لإطلاق الطريق هنا أو ذكر لبعض أفراده؟ فيه احتمال، فعلى الأول يحمل المطلق على المقيد ويختص النهي بقارعة الطريق وعلى الثاني فالحكمة في تخصيص القارعة بالذكر فيما قبله أن حصول الأذى بالبول فيها أشد فالاهتمام بالنهي هنا أشد ويحتمل أن يراد بقارعة الطريق نفس الطريق كما يشير إليه كلام النهاية (أو في نقع ماء) بالإضافة أي ماء ناقع بنون مفتوحة ثم قاف ساكنة أي مجتمع ومستنقع الماء بالفتح مجتمعه قال الزمخشري: نقع الماء في بطن الوادي وانتقع ثبت واجتمع ومن المجاز انقع له الشر أثبته له وأدامه ومقصود الحديث النهي عن البول في الماء الراكد ونحوه فيكره فيه وكذا بقربه تنزيها.
(تنبيه) قال النووي في الأذكار: ظاهر هذه الأحاديث تدل على جواز لعن العاصي مع التعيين أي أنه لو لم يجز لعنه كانت اللعنة على لاعنه والمشهور حرمة لعن المعين وأجاب الزين العراقي بأنه قد يقال إن ذلك من خواص المصطفى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وسلم لمقولة اللهم إني أتخذ عندك عهدا أيما مسلم سببته أو لعنته الحديث (حم عن ابن عباس) رمز المؤلف لضعفه وهو كما قال فقد بين مغلطاي أن أحمد رواه من حديث ابن المبارك عن ابن لهيعة ثم قال: أعني مغلطاي هو مرسل لأنه أبهم الراوي فيه عن ابن عباس وابن لهيعة مختلف فيه لكن ذلك لا يقدح في إيراده شاهدا لما قبله لأن الشواهد لا يعتبر لها شرط الصحيح من كل وجه انتهى وقال المنذري ضعيف وقال ابن حجر فيه ضعف لأجل ابن لهيعة والراوي عن ابن عباس متهم انتهى وقال الهيتمي فيه ابن لهيعة ورجل لم يسم.
141 - (اتقوا) احذروا ندبا وإرشادا (المجذوم) أي مخالطة الذي به جذام وهو داء ردئ يحدث من انتشار المرة السوداء بالبدن فيفسد مزاج الأعضاء وتشاكلها وربما تأكلت أو اسودت وسقطت.
والفعل منه جذم على بناء المفعول (كما يتقى) بضم الياء وشد المثناة فوق مفتوحة بضبط المؤلف أي مثل اتقاء (الأسد) أي اجتنبوا مخالطته كما تجتنبوا مخالطة الأسد الحيوان المفترس فإنه يعدي
(١٧٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة