فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٨٥
بما انفرد به وفيه أيضا عمرو بن مرزوق أورده في ذيل الضعفاء وقال ثقة قال فيه الدارقطني كثير الوهم وعطاء بن السائب أورده فيهم أيضا وقال قال أحمد من سمع منه قديما فهو صحيح انتهى وأما المؤلف فقد رمز لحسنه وقال ثقة.
150 - (اتقوا دعوة المظلوم) أي تجنبوا الظلم لئلا يدعو عليكم المظلوم (وإن كان كافرا) معصوما فإن دعوته إن كان مظلوما مستجابة وفجوره على نفسه وفي حديث أحمد عن أبي هريرة مرفوعا دعوة المظلوم مستجابة ولو كان فاجرا ففجوره على نفسه وإسناده كما في الفتح حسن وروى ابن حبان والحاكم عن أبي ذر من حديث طويل أن في صحف إبراهيم أيها الملك المسلط المبتلى المغرور إني لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها إلى بعض ولكني بعثتك لترد عني دعوة المظلوم فإني لا أردها ولو من كافر ولا ينافيه * (وما دعاء الكافرين إلا في ضلال) * لأن ذلك في دعائهم للنجاة من نار الآخرة فلا يدل على عدم اعتباره في الدنيا ثم علل الاتقاء بقوله (فإنه) أي الشأن قال القرطبي: الرواية الصحيحة فإنه بضمير المذكر على أن يكون ضمير الأمر والشأن ويحتمل عوده على مذكر الدعوة فإن مذكر الدعوة دعاء وفي رواية فإنها بالتأنيث وهو عائد على لفظ الدعوة (ليس دونه) وفي رواية دونها (حجاب) أي ليس بينها وبين القبول حجاب مانع والحجاب هنا ليس حسيا لاقتضائه نوعا من البعد واستقرار في مكان والله سبحانه وتعالى منزه عن ذلك وأقرب لكل شئ من نفسه فهو تمثيل لمن يقصد باب سلطان عادل جالس لرفع المظالم فإنه لا يحجب. (حم ع والضياء) المقدسي (عن أنس) بن مالك واتفق عليه الشيخان بدون الكافر.
151 - (اتقوا فراسة) بكسر الفاء ذكره جمع وهي الحذق في ركوب الخيل، والمراد اطلاعه وظاهره أن الفتح لم يسمع هنا لكن في المصباح بعد ذكره الكسر قال إن الفتح لغة ثم قال ومنه اتقوا فراسة فاقتضى كلامه أنه بالفتح وجزم به بعض محققي العجم فقال بالفتح وأما بالكسر فالفروسية على الضمائر. فإن قيل ما معنى الأمر باتقاء فراسة المؤمن؟ أجيب بأن المراد تجنبوا فعل المعاصي لئلا يطلع عليه فتفضحوا بين يديه. (المؤمن) الكامل الإيمان أي احذروا من إضمار شئ من الكبائر القلبية أو إصرار على معصية خفية أو تعد لحد من الحدود الشرعية فإنه بنور إيمانه الذي ميزه الله به عن عوام المؤمنين مطلع على ما في الضمائر شاهد لما في السرائر فتفضحوا عنده فيشهد عليكم به غدا وأهل العرفان هم شهداء الله في أرضه وربما ساءه ما رأى فغار على حق الحق فيمقتكم الله لمقت وليه وقد وجد من ذلك كثير، والمتفرس النظار المتثبت في نظره حتى يعرف حقيقة سمة الشئ وفي رواية ذكرها ابن الأثير اتقوا قرابة المؤمن قال يعني فراسته وظنه الذي هو قريب من العلم والتحقيق بصدق حديثه وإصابته يقال ما هو بعالم ولا قراب عالم والفراسة الاطلاع على ما في الضمائر وقيل مكاشفة اليقين ومعاينة الغيب وقيل سواطع أنوار تلمع في القلب تدرك بها
(١٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة