فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٧١
وممنوعا منه ومتعودا عليه أي من جهة الشرع (في البنيان) بأن تصونوه عنه وجوبا ونبه بالحجر على غيره من جميع آلات البناء كجص وآجر وخشب وغيرها مما يبنى به وفي رواية بدون ذكر الحجر وهو أعم أي احذروا انفاق المال الحرام في البناء (فإنه) أي فإن إدخال الحجر الحرام وما في معناه في البنيان (أساس الخراب) أي قاعدته وأصله قال الراغب: الأساس القاعدة التي بيني عليها قال الزمخشري: ومن المجاز فلان أساس أمره الكذب ومن لم يؤسس ملكه بالعدل فقد هدمه انتهى.
والمراد خراب الدين أو الدنيا بقلة البركة وشؤم البيت المبنى به أو أساس خراب البناء نفسه بأن يسرع إليه الخراب في زمن قريب ولو لم يبن به لم يخرب سريعا بل يطول بقاؤه لينتفع بغلته من بعد بنائه قال الزمخشري مكتوب في الإنجيل الحجر الواحد في الحائط من الحرام عربون بالخراب وقال وهب بن منبه: وجدت في بعض كتب الأنبياء من استغنى بأموال الفقراء جعلت عاقبته الفقر وأي دار بنيت بالضعفاء جعلت عاقبتها الخراب. وورد في غير ما أثر أن البناء إذا كان من حرام لم يطل تمتع صاحبه به بل في خبر رواه الحاكم من حديث أمير المؤمنين المرتضى: إن لله عز وجل بقاعا تسمى المنتقمات فإذا كسب الرجل المال من حرام سلط الله عليه الماء والطين ثم لا يمتعه به أه‍. وذهب بعضهم إلى أن المراد بالبنيان كل أمر أسسه وبناه من دينه ودنياه إذا كان إمداده وإنفاقه من حرام * (أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار) * انتهى، وهذا وإن كان لمجيئه مجال في رواية إسقاط لفظ الحجر لا مجال له على رواية إثباته إلا بتكليف يصان عن مثله كلام المصطفى العذب الزلال (هب) من حديث معاوية بن يحيى عن الأوزاعي عن حسان بن عطية (عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب قال ابن الجوزي: حديث لا يصح ومعاوية ضعيف وحسان لم يسمع من ابن عمر انتهى. لكن له طرق وشواهد وممن رواه الخطيب والبيهقي والديلمي وابن عساكر والقضاعي في الشهاب وقال شارحه غريب جدا.
133 - (اتقوا الحديث عني) أي لا تحدثوا عني (إلا بما علمتم) أي تعلمونه بمعنى تتيقنون صحة نسبته إلي وقال الطيبي: يجوز أن يراد بالحديث الاسم فالمضاف محذوف أي احذروا رواية الحديث عني أو أن يكون فعيلا بمعنى مفعول وعني متعلق به والاستثناء منقطع والمعنى احذروا من الحديث عني لكن لا تحذروا مما تعلمونه انتهى والحديث عرفا ما روي من قول المصطفى قيل أو الصحابي أو التابعي أو فعلهم أو تقريرهم وقد يخص بما يرفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير كذا في التلويح وغيره وأهله النقلة له المعتنون بما يتعلق به (فمن كذب علي متعمدا) حال من الضمير المستتر في كذب الراجع إلى من (فليتبوأ مقعده من النار) أي فليتخذ له محلا فيها لينزل فيه فهو أمر بمعنى الخبر قال الرافعي: أو دعاء أي بوأه الله ذلك فليتبوأ اتخاذ المنزل والمقعد محل القعود وجاء به بلفظ الأمر جوابا للشرط ليكون أبلغ في وجوب الفعل وألزم له وقال الطيبي: الأمر بالتبوؤ تهكم وتغليظ إذ لو قال كان مقعده في النار لم يكن كذلك والكذب عليه صلى الله عليه وسلم من الكبائر الموبقة والعظائم المهلكة لإضراره بالدين وإفساده أصل الإيمان والكاذبون عليه كثيرون وقد اختلف طرق كذبهم كما هو مبين في
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة