فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٣٦
والمشفوع عنده وقال القاضي: الشفاعة من الشفع كأن المشفوع له كان فردا فجعله الشفيع شفعا بضم نفسه إليه والشئ على ما قال سيبويه يقع على كل ما أخبر عنه وهو أعم العام كما أن الله أخص الخاص ويجري على الجسم والعرض والقديم والمعدوم والمحال وقول الأشاعرة المعدوم ليس بشئ معناه ليس يتميز في الأعيان. ثم إنه ليس لك أن تقول هذا يناقضه ما في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
فأقول يا رب ائذن لي فيمن قال لا إله إلا الله قال ليس ذلك ولكن وعزتي وكبريائي لأخرجن من النار من قال لا إله إلا الله والمراد بالقائل لا إله إلا الله من مات معتقدا لها فهو الذي مات لا يشرك بالله شيئا فإذا لم يكن ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فكيف قال: إن هؤلاء تنالهم شفاعة لأنا نقول قد قيد المصطفى صلى الله عليه وسلم من تناله شفاعته مع كونه مات غير مشرك بكونه من أمته والذي جاء فيه أنه ليس إليه غير مقيد بها فحصل التوفيق بأن الذين تنالهم شفاعته هم موحدو أمته والذي استأثر الله به موحدو غيرها كما حرره المحقق أبو زرعة - (حم عن أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري) قال: غزونا مع النبي صلى الله عليه وسلم فعرس بنا فانتهيت ليلا لمناخه فلم أجده فطلبته بارزا فإذا رجل من أصحابي يطلب ما أطلب فطلع علينا فقلنا: أنت بأرض حرب فلو إذ بدت لك حاجة فقلت لبعض صحبك فقام معك فقال: سمعت هزيزا كهزيز الرحى وحنينا كحنين النحل وأتاني آت إلى آخره فكان ينبغي للمؤلف ذكره بتمامه في حرف السين قال الهيتمي: رجال أحمد ثقات (ت حب عن) أبي حماد (عوف) بفتح فسكون (ابن مالك) بن عوف الغطفاني (الأشجعي) نسبة إلى أشجع قبيلة مشهورة صحابي كانت معه راية أشجع يوم الفتح نزل حمص وبقي إلى أول خلافة عبد الملك.
91 - (أتاني آت من عند ربي عز وجل فقال من صلى عليك من أمتك) الإضافة للتشريف قال الحراني: الصلاة الإقبال بالكلية على أمر فيكون من الأعلى عطفا شاملا ومن الأدنى وفاء بانحاء التذلل والإقبال بالكلية على التلقي (صلاة) أي طلب لك من الله دوام التشريف ومزيد التعظيم ونكرها ليفيد حصولها بأي لفظ كان لكن الأفضل ما في الصحيح قولوا اللهم صل على محمد وقال: من صلى دون من ترحم إيذانا بأنه لا يدعى له بالرحمة كما في الاستذكار وإن كانت بمعنى الصلاة عند كثيرين لأنه خص بلفظها تعظيما فلا ينبغي إطلاقها عليه إلا تبعا للصلاة أو السلام كما في التشهد (كتب الله) قدر أو أوجب أو في اللوح أو في جبينه أو في صحيفته وعلى ما عدا الأولين فإضافة الكتابة للذات المتعالية للتشريف إذ الكاتب الملائكة (له بها عشر حسنات) أي ثوابها مضاعفا إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة لأن الصلاة ليست حسنة واحدة بل حسنات إذ بها تجديد الإيمان بالله أولا، ثم بالرسالة ثم بتعظيمه ثم العناية بطلب الكرامة له ثم بتجديد الإيمان باليوم الآخر ثم بذكر الله ثم بتعظيمه بنسبتهم إليه ثم بإظهار المودة ثم بالابتهال والتضرع في الدعاء ثم بالاعتراف بأن الأمر كله لله وأن النبي صلى الله عليه وسلم مع جلالة قدره مفتقر إلى رحمة ربه فهذه عشر حسنات قال الراغب:
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة