فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٤١
96 - (اتجروا) بكسر الهمزة والجيم أمر من التجارة وهي تقليب المال للربح. قال الزمخشري:
التجارة صناعة التاجر وهو الذي يبيع ويشتري للربح (في أموال اليتامى) قال الطيبي: أصله اتجروا بها نحو كتبت بالقلم لأنه عدة للتجارة ومستقرها كقوله تعالى * (وأصلح لي في ذريتي) * أي أوقع لي الصلاح فيهم وفائدة جعل المال مقرا للتجارة أن لا ينفق من أصله بل يخرج الصدقة من الربح وإليه ينظر قوله تعالى * (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم) * إلى قوله * (وارزقوهم فيها) * (لا تأكلها) أي لئلا تأكلها (الزكاة) أي تفنيها لأن الأكل سبب للفناء أو استعارة حيث جعل الصدقة مشابهة للطاعم ونسب إليها ما هو من لوازم المشبه به وهو الأكل مبالغة في كمال الأفناء. قال الزمخشري: من المجاز أكلت النار الحطب وائتكلت النار اشتد التهابها كأنما يأكل بعضها بعضا وأخذ بقضية هذا الحديث المؤكد لعموم الأخبار الصحيحة الصريحة في إيجاب الزكاة مطلقا بقول خمسة من الصحابة الشافعي كمالك وأحمد فأوجبوها في مالهم وخالف أبو حنيفة والقياس على فطرة بدنه الموافق عليها حجة عليه وأما فرق بعض أصحابه بأن الفطرة فيها معنى المؤنة ففيه تعسف وفيه أن على الولي استنماء المال المولى عليه قدر الزكاة والنفقة والمؤن إن أمكنه لا المبالغة فيه - (طس عن أنس) بن مالك قال الهيتمي: أخبرني شيخي يعني الزين العراقي أن سنده صحيح انتهى وإليه أشار في الأصل بقوله وصحح وأما هنا فرمز لحسنه وهو فيه متابع للحافظ ابن حجر فإنه انتصر لمن اقتصر على تحسينه فقط وقال: إن الصحيح خبر البيهقي عن ابن المسيب عن عمر موقوفا مثله وقال أعني البيهقي سنده صحيح.
97 - (أتحب) استفهام فيه معنى الشرط أي إن أحببت أيها الرجل الذي شكى إلينا قسوة قلبه (أن يلين قلبك) يترطب ويتسهل قال الزمخشري: من المجاز رجل لين الجانب ولان لقومه وألان لهم جناحه * (فبما رحمة من الله لنت لهم) * وهو لين الأعطاف وطئ الأكتاف (وتدرك حاجتك) أي تظفر بمطلوبك فقال الرجل بلى يا رسول الله قال (ارحم اليتيم) أي الذي مات أبوه فانفرد عنه واليتم الانفراد ومنه الدرة اليتيمة للمنفردة في صفائها والرملة اليتيمة ذكره في الكشاف وذلك بأن تعطف عليه وتحنو حنوا يقتضي التفضل عليه والإحسان إليه كناية عن مزيد الشفقة والتلطف به. ولما لم تكن الكناية منافية لإرادة الحقيقة لإمكان الجمع بينهما كما تقول فلان طويل النجاد وتريد طول قامته مع طول علاقة سيفه قال (وامسح رأسه) تلطفا وإيناسا أي بالدهن إصلاحا لشعره أو باليد لما جاء في حديث آخر يشعر بإرادة مسح رأسه مع ذلك باليد وهو ما رواه أحمد والترمذي عن أبي أمامة مرفوعا من مسح على رأس اليتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة تمر عليها يده حسنة وإسناده كما قال ابن حجر ضعيف وإطلاق الأخبار شامل لأيتام الكفار ولم أر من خصها بالمسلم وفي حديث سيأتي عن الحبر أن اليتيم يمسح رأسه من أعلاه إلى مقدمه وغيره بعكسه قال زين الحافظ
(١٤١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة