فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ١ - الصفحة ١٣٢
مكي بالفرض مدني بالتلاوة لأن آية الوضوء مدينة والوضوء كان مفروضا لكنه لم يكن قرآنا يتلى حتى نزلت آية المائدة. وقال ابن حجر فيه: إن الوضوء كانت قبل فرض الصلاة يعني الصلوات الخمس ليلة الإسراء قال: ويقويه قوله في خبر فيه لين أن جبريل علمه إياه حين نزول الوحي عليه في غار حراء وقال: ويؤيده ما في أخبار صحاح أن من قبلنا كانوا يتوضؤن للصلاة كما في قصة سارة والراهب (فلما فرغ الوضوء) أي أتمه (أخذ غرفة من الماء) قال ابن حجر في المختصر: وهي قدر ما يغرف من الماء بالكف (فنضح) وفي رواية فرش (بها فرجه) يعني رش بالماء الإزار الذي يلي محل الفرج من الآدمي لأن جبريل ليس له فرج إذ الملائكة ليسوا بذكور ولا إناث كما مر فيندب رش الفرج عقب الوضوء لدفع الوسوسة وفي رواية ذكرها ابن سيد الناس وجهه بدل فرجه وفي رواية الفرج، والنضح الرش والفرج أصله فرجة بين شيئين ثم كنى به عن السوأة وكثر حتى صار كالصريح فيه (حم قط ك) وكذا الحارث بن أبي أسامة (عن أسامة) بضم الهمزة (ابن زيد) حب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن حبه (عن أبيه زيد) بن حارثة الكلبي مولى الرسول من السابقين الأولين استشهد يوم مؤتة سنة ثمان رمز المؤلف لصحته وليس كما ظن فقد أورده ابن الجوزي في العلل عن أسامة عن أبيه من طريقين في أحدهما ابن لهيعة والأخرى رشدين وقال ضعيفان قال والحديث باطل وقال مخرجه الدارقطني فيه ابن لهيعة ضعفوه وتابعه رشدين وهو ضعيف لكن يقويه كما قال بعض الحفاظ أورده من طريق ابن ماجة بمعناه وروى نحوه عن البراء وابن عباس أما الصحة فلا فلا.
88 - (أتاني جبريل في ثلاث) أي ثلاث ليال (بقين) هي لغة عدي بن رباب فجعلوا كل يوم ليلة إذ التاريخ بالليالي فإن أول الشهر ليلته قالوا: وليس في العربية محل غلب فيه المؤنث على المذكر إلا في التاريخ (من ذي القعدة) بفتح القاف وتكسر سمي به لأن العرب قعدت فيه عن القتال تعظيما له قال ابن حجر: وفيه استعمال الفصيح في التاريخ وهو أنه ما دام في النصف الأول من الشهر يؤرخ بما خلا وإذا دخل النصف الثاني يؤرخ بما بقي (فقال دخلت العمرة) أي أعمالها (في) أعمال (الحج) لمن قرن فكيفية أعمال الحج عنها أو دخلت في وقته وأشهره بمعنى أنه يجوز فعلها فيها وأهل الجاهلية كانوا يرون أن فعلها فيها من أفجر الفجور فأبطله الشرع هذا هو الظاهر المتبادر من فحوى الخبر وتأوله المالكية كالحنفية على معنى سقوط وجوب العمرة بوجوب الحج كما سقط عاشوراء برمضان أي أن الحج أغنى عما دونه فلا يجب وعرض بأن ذلك وإن كان محتملا لكنه محتمل أيضا لأن يكون إشارة إلى القرآن وإلى جواز إيقاعها في أشهر الحج وأنه لا يقبل النسخ ويرشحه ختمه بالتأييد الآتي فحيث تطرق الاحتمال سقط الاستدلال وبقيت أدلة أخرى تدل للوجوب كآية * (وأتموا الحج والعمرة لله) * ويستمر هذا (إلى يوم القيامة) أول خراب الدنيا وانقراض المؤمنين بالريح الطيبة أي
(١٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة