فانطلقا بقية يومهما وليلتهما، فلما أصبحا قال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا، ولم يجد موسى مسا من النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به، فقال له فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فانى نسيت الحوت، قال موسى: ذلك ما كنا نبغ. فارتدا على آثارهما قصصا، فلما انتهيا إلى الصخرة إذا رجل مسجى بثوب، فسلم موسى فقال الخضر: وأنى بأرضك السلام، قال أنا موسى، قال: موسى بني إسرائيل ؟ قال نعم، قال: أتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا؟ قال:
انك لن تستطيع معي صبرا، يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت، وأنت علي علم من علم الله علمك الله لا أعلمه، قال:
ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت سفينة فكلموهم ان يحملوهما فعرفوا الخضر فحملوهما بغير نول، وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر نقرة أو نقرتين في البحر، فقال الخضر يا موسى: ما نقص علمي وعلمك من علم الله تعالى الا كنقرة هذا العصفور في هذا البحر، فعمد الخضر إلى لوح من ألواح السفينة فنزعه، فقال موسى: قوم حملونا بغير نول، عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها؟ قال: ألم أقل لك إنك لن تسطيع معي صبرا قال لا تؤاخذني بما نسيت فكانت الأولى من موسى نسيانا، فانطلقا فإذا غلام يلعب