وهو من الملائكة بدليل استثنائه منهم في قوله تعالى * (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس) * وبدليل أن قوله تعالى * (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا) * قد تناوله وإلا لما استحق الذم ولما قيل له * (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) * والجواب عن الوجه الأول أنه أي قولهم * (أتجعل) * استفسار عن الحكمة الداعية إلى خلقهم لا إنكار على الله في خلقهم والغيبة إظهار مثالب المغتاب وذلك لا يتصور لمن لا يعلمه والله سبحانه وتعالى عالم بجميع الأشياء ما ظهر منها وما بطن فلا غيبة هناك وكذلك التزكية إظهار مناقب النفس فلا تتصور بالنسبة إلى الله سبحانه وتعالى ولا رجم بالظن وقد علموا ذلك بتعليم الله إذ قد يكون فيه حكمة لا نعرفها أو بغيره كقراءتهم ذلك من اللوح والجواب عن الوجه الثاني أن إبليس كان من الجن لقوله تعالى * (كان من الجن ففسق عن أمر ربه) * وصح الاستثناء وتناوله الأمر للغلبة أي لتغليب الكثير على القليل في إطلاق الاسم كما عرف في موضعه وكون طائفة من الملائكة مسمين بالجن على ما قيل فلا يكون حينئذ كونه من الجن منافيا لكونه من الملائكة خلاف الظاهر لأن المتبادر من لفظ الجن ما لا يدخل تحت الملك مع أن ذكره أي ذكر كونه من الجن في معرض التعليل لاستكباره وعصيانه كما يتبادر من نظم الآية يأباه أي يأبى كونه من الملائكة لأن طبيعة الملك لا تقتضي المعصية أو يأبى كون الجن اسما لطائفة من الملائكة
(٤٥٢)