المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٤٥٦
الأول قوله تعالى * (ولا أقول لكم إني ملك) * فإنه في معرض التواضع والجواب لا نسلم أنه في معرض التواضع بل لما نزل * (والذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب بما كانوا يفسقون) * والمراد قريش استعجلوه بالعذاب تهكما به فنزلت * (لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك) * بيانا لأنه أوليس له إنزال العذاب من خزائن الله ولا يعلم متى ينزل بهم العذاب ولا هو ملك فيقدر على إنزال العذاب كما يحكى أن جبريل قلب بأحد جناحية المؤتفكات فقد دلت الآية على أن الملك أقدر وأقوى فأين حديث الأفضلية الثاني قوله تعالى * (ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين) * إذ يفهم منه أنه حرضهما على الأكل من الشجرة لما منعا عنه بأن المقصود قصوركما عن درجة الملائكة فكلا منها ليحصل لكما ذلك الشرف والجواب إنهما رأيا الملائكة أحسن صورة وأعظم خلقا وأكمل قوة فمناهما مثل ذلك وخيل إليهما أنه الكمال والفضيلة الثالث قوله تعالى * (لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا لله ولا الملائكة المقربون) * وهو صريح في تفضيل الملائكة على المسيح كما يقال لا أنا أقدر على هذا ولا من هو فوقي في القوة ولا يقال من هو دوني الجواب إن النصارى استعظموا المسيح لما رأوه قادرا على إحياء الموتى ولكونه بلا أب والملائكة فوقه فيهما فإنهم قادرون على ما لا يقدر عليه ولكونهم بلا أب ولا أم فإذا لم يستنكفوا من العبودية ولم يصر ذلك
(٤٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 451 452 453 454 455 456 457 458 459 460 461 ... » »»