المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٤
الاختيار عندنا جائز ولا يخرج ذلك الفعل عن كونه اختياريا كما تقدم في مسألة الهارب من السبع والعطشان الواجد للقدحين المتساويين وأيضا فمرجح فاعليته تعالى قديم ولا يحتاج إلى مرجح إذ المحوج إلى المؤثر عندنا الحدوث دون الإمكان وأما الثالث فلا يجب عندنا في الواجب الشرعي تأثير قدرة الفاعل فيه بل يجب أن يكون الفعل مما هو مقدور عادة وأما الرابع فمقصودنا أن العبد غير مستقل بإيجاد فعله من غير داع يحصل له بخلق الله تعالى إياه وقد بيناه وذلك كاف في عدم الحكم عقلا إذ لا فرق بين أن يوجد الله الفعل كما قاله الشيخ وبين أن يوجد ما يجب الفعل عنده كما قاله بعض أصحابه وفي كونه مانعا من حكم العقل عند الخصم الثاني لو كان قبح الكذب ذاتيا لما تخلف عنه لأن ما بالذات لا يزول واللازم باطل فإنه قد يحسن إذا كان فيه عصمة دم نبي بل يجب ويذم تاركه قطعا وكذا إذا كان فيه إنجاء متوعد بالقتل وللأصحاب مسالك ضعيفة نذكرها ونشير إلى وجه ضعفها أحدها من قال لأكذبن غدا فإذا جاز الغد فكذبه إما حسن فليس الكذب قبيحا لذاته وإما قبيح فتركه حسن مع أنه يستلزم كذبه فيما قاله أمس ومستلزم القبيح قبيح قلنا لا نسلم أن مستلزم القبيح قبيح لأن الحسن لذاته قد يستلزم القبيح فتتعدد جهة الحسن والقبح فيه وأنه غير ممتنع أو نلتزم قبحه مطلقا لأنه قبيح إما لذاته وإما لاستلزامه القبيح ونقول الحسن إنما يحسن إذا لم يستلزم القبيح الثاني من قال زيد في الدار ولم يكن فقبح هذا القول إما لذاته أو مع عدم كون زيد في الدار والقسمان باطلان فالأول لاستلزامه قبحه وإن كان زيد في الدار والثاني لأنه يستلزم كون العدم جزء علة الوجود
(٢٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 ... » »»