المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٦٦
والجواب أن ذلك بمعنى الملاءمة والمنافرة أو صفة الكمال والنقص مسلم وبالمعنى المتنازع فيه ممنوع وثانيهما أن من عن له تحصيل غرض من الأغراض واستوى فيه الصدق والكذب فإنه يؤثر الصدق قطعا وكذا من رأى شخصا قد أشرف على الهلاك وهو قادر على إنقاذه مال إلى إنقاذه قطعا وإن لم يرج منه ثوابا ولا شكورا كما إن كان المنقذ طفلا أو مجنونا وليس ثمة من يراه ولا يتصور فيه غرضا من جذب نفع أو دفع ضر والجواب أما حديث اختيار الصدق فلأنه قد تقرر في النفوس كونه ملائما لمصلحة العالم والكذب منافرا ولا يلزم من فرض الاستواء تحققه وأما حديث الإنقاذ فذلك لرقة الجنسية وذلك مجبول في الطبيعة وسببه أنه يتصور مثله في حق نفسه فيستحسن فعل المنقذ له إذا قدره فيجره ذلك إلى استحسانه من نفسه في حق الغير وأما الإلزاميان فأحدهما لو حسن من الله كل شيء لحسن منه الكذب وفي ذلك إبطال للشرائع وبعثة الرسل بالكلية لأنه قد يكون في تصديقه للنبي كاذبا فلا يمكن تمييز النبي عن المتنبىء وأنه باطل إجماعا ولحسن منه خلق المعجزة على يد الكاذب وعاد المحذور الجواب أن مدرك امتناع الكذب عندنا أوليس هو قبحه إذ يجوز أن يكون له مدرك آخر وقد تقدم هذا ودلالة المعجزة عادية وسيأتي وثانيهما الإجماع على تعليل الأحكام بالمصالح والمفاسد وفي منعه سد باب القياس وتعطل أكثر الوقائع من الأحكام وأنتم لا تقولون به
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»