الأول داخلا في القضاء دخولا أصليا ذاتيا وكان الشر واقعا بالضرورة وداخلا في القضاء دخولا بالتبع والعرض وإنما التزم فعله أي فعل ما غلب خيره لأن ترك الخير الكثير لأجل الشر القليل شر كثير فليس من الحكمة ترك المطر الذي به حياة العالم لئلا ينهدم به دور معدودة أو لا يتألم به سابح في البر أو البحر يرشدك إلى ذلك أنه إذا لدغ أصبع إنسان وعلم أنها إذا قطعت سلم باقي البدن وإلا سرى الفساد إليه فإنه يأمر بقطعها ويريده تبعا لإرادة سلامته من الهلاك فسلامة البدن خير كثير يستلزم شرا قليلا فلا بد للعاقل أن يختاره وإن احترز عنه حتى هلك لم يعد عاقلا فضلا عن أن يعد حكيما فاعلا لما يفعله على ما ينبغي واعلم أن قضاء الله عند الأشاعرة هو إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال وقدره إيجاده إياها على قدر مخصوص وتقدير معين في ذواتها وأحوالها وأما عند الفلاسفة فالقضاء عبارة عن علمه بما ينبغي أن يكون عليه الوجود حتى يكون على أحسن النظام وأكمل الانتظام وهو المسمى عندهم بالعناية التي هي مبدأ لفيضان الموجودات من حيث جملتها على أحسن الوجوه وأكملها والقدر عبارة عن خروجها إلى الوجود العيني بأسبابها على الوجه الذي تقرر في القضاء والمعتزلة ينكرون القضاء والقدر في الأفعال الاختيارية الصادرة عن العباد ويثبتون علمه تعالى بهذه الأفعال ولا يسندون وجودها إلى ذلك العلم بل إلى اختيار العباد وقدرتهم المقصد الخامس المتن في الحسن والقبح القبيح ما نهي عنه شرعا والحسن بخلافه ولا
(٢٦١)