المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٧٢
مر وإذا احتاج إلى مرجح آخر نقلنا الكلام إليه وتسلسل فيكون الفعل على تقدير وجوبه مع ذلك المرجح اضطراريا وعلى التقادير أعني امتناع الترك وكون الفعل اتفاقيا أو اضطراريا فلا اختيار للعبد في أفعاله فيكون مجبورا فيها فلا يتصف شيء منها بالحسن والقبح العقليين بالإجماع المركب أما عندنا فلأنه لا مدخل للعقل فيهما وأما عندهم فلأنهما من صفات الأفعال الاختيارية فإن قيل هذا أي استدلالكم على كون العبد مجبورا نصب للدليل في مقابلة الضرورة إذ كل واحد من العقلاء يعلم أن له اختيارا في أفعاله يفرق بين الاختياري والاضطراري منها فلا يسمع لأنه سفسطة باطلة ومكابرة ظاهرة وأيضا فإنه أي دليلكم ينفي قدرة الله تعالى لاطراد الدليل في أفعاله والمقدمات المقدمات والتقرير التقرير فيقال إن لم يتمكن من الترك فذاك وإن تمكن منه لم يتوقف الفعل على مرجح إلى آخر ما مر فقد انتقض الدليل المذكور بأفعاله تعالى وأيضا فإنه أي هذا الدليل كما ينفي الحسن والقبح العقليين ينفي أيضا الحسن والقبح الشرعيين المتفرعين على ثبوت التكليف وإذا كان العبد مجبورا لم يثبت عليه تكليف لأنه تكليف ما لا يطاق ونحن لا نجوزه وأنتم وإن جوزتموه فلا تقولون بوقوعه ولا يكون كل التكاليف كذلك أي تكليفا بما لا يطاق كما لزم من دليلكم والحاصل أن كون العبد مجبورا ينافي كونه مكلفا فلا يوصف فعله بحسن ولا قبح شرعي مع أنهما ثابتان عندكم فانتقض دليلكم بهما فما هو جوابكم فهو جوابنا والأظهر أن يقال أنه ينفي الشرعيين أيضا لأنهما من صفات الأفعال الاختيارية فإن حركة المرتعش والنائم والمغمى عليه لا
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»