يتوعده بالقتل إن لم يظهر عصيانه فإنه يأمره بفعل تمهيدا لعذره ويريد عصيانه فيه فإن أحدا لا يريد ما يفضي إلى قتله بل ما يخلصه عنه فقد أمر بخلاف ما يريده ولا سفه فإن قيل الموجود ههنا صورة الأمر لا حقيقته فإن العاقل لا يأمر بما يؤدي حصوله إلى هلاكه أجيب بأنه قد يأمر به إذا علم أنه لا يحصل وكان في الأمر به فائدة بخلاف الإرادة فإنها لا تتعلق به أصلا الثالث إن الملجأ إلى الأمر قد يأمر ولا يريد فعل المأمور به بل يريد خلافه ولا يعد سفيها الثاني من وجوه استدلالاتهم لو كان الكفر مراد الله تعالى لكان فعله والإتيان به موافقة لمراد الله تعالى فيكون طاعة مثابا به وأنه باطل ضرورة من الدين قلنا الطاعة موافقة الأمر والأمر غير الإرادة وغير مستلزم لها لإنفكاكها عنه في الصور المذكورة قال الآمدي ويدل على أن موافقة الإرادة ليست طاعة أنه لو أراد شخص شيئا من آخر فوقع المراد من الآخر على وفق إرادة المريد ولا شعور للفاعل بإرادته فإنه لا يعد منه طاعة له كيف والإرادة كامنة والأمر ظاهر ولهذا يقال في العرف فلان مطاع الأمر ولا يقال مطاع الإرادة وقد ضايق بعض أصحابنا في العبارة فقال الكفر مراد بالكافر غير مراد من الكافر لأن القول الثاني ينبئ عن الرضاء بالكفر دون الأول وهو لفظي لا طائل تحته الثالث لو كان الكفر مراد الله تعالى لكان واقعا بقضائه والرضاء بالقضاء واجب إجماعا فكان الرضاء بالكفر واجبا واللازم باطل لأن الرضاء بالكفر كفر اتفاقا قلنا الواجب هو الرضاء بالقضاء لا بالمقضي والكفر
(٢٥٦)