المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٢
باب القول بالاعتزال فظهر أن أبا الحسين أنكر الاعتزال في هذه المسألة وأن تلك المبالغة منه تمويه وتلبيس انتهى كلامه وأما غيره أي غير أبي الحسين فيستدل عليه أي على أن العبد موجد لأفعاله بوجوه كثيرة مرجعها إلى أمر واحد وهو أنه لولا استقلال العبد بالفعل على سبيل الاختيار لبطل التكليف بالأوامر والنواهي لأن العبد إذا لم يكن موجدا لفعله مستقلا في إيجاده لم يصح عقلا أن يقال له إفعل كذا ولا تفعل كذا وبطل التأديب الذي ورد به الشرع إذ لا معنى لتأديب من لا يستقل بإيجاد فعله وارتفع المدح والذم إذ أوليس الفعل مستند إليه مطلقا حتى يمدح به أو يذم وارتفع الثواب والعقاب الوارد بهما الوعد والوعيد ولم يبق للبعثة فائدة لأن العباد ليسوا موجودين لأفعالهم فمن أين لهم استحقاق الثواب والعقاب عليها بل هي مخلوقة لله تعالى فيجوز حينئذ أن يعكس فيعاقب الأنبياء وأتباعهم ويثبت الفراعنة وأشياعهم فلا يتصور منفعة للبعثة أصلا والجواب منع الملازمات المذكورة وهو المدح والذم باعتبار المحلية لا باعتبار الفاعلية حتى يشترط فيهما الاستقلال بالفعل وذلك كما يمدح الشيء ويذم بحسنه وقبحه وسلامته من الآفة وعاهته فإن ذلك باعتبار أنه محل لها لا مؤثر فيها وأما الثواب والعقاب المترتبان على الأفعال الاختيارية فكسائر العاديات المترتبة على أسبابها بطريق العادة من غير لزوم عقلي واتجاه سؤال وكما لا يصح عندنا أن يقال لم خلق الله الاحتراق عقيب مسيس النار ولم لم يحصل ابتداء أو عقيب مماسة الماء فكذا ههنا لا يصح أن يقال لم أثاب عقيب أفعال مخصوصة وعاقب عقيب أفعال أخرى ولم لم يفعلها ابتداء أو لم يعكس فيهما وأما التكليف والتأديب والبعثة والدعوة فإنها قد تكون دواعي للعبد إلى الفعل واختياره فيخلق الله الفعل عقيبها عادة وباعتبار ذلك الاختيار المترتب على الدواعي
(٢٢٢)
مفاتيح البحث: المنع (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 ... » »»