المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٤
أراد الله عدمه منها لم يقع قطعا فلا قدرة له على شيء منهما أصلا ويرد عليه أيضا النقض بالباري سبحانه وتعالى على أن المعتزلة ذاهبون على أن ما أراده الله أو لم يرده من أفعال نفسه كان كذلك بخلاف أفعال غيره الثالث إن الفعل عند استواء الداعي إلى الفعل والترك يمتنع لأن الرجحان يناقض الاستواء وعند رجحان أحدهما يجب الراجح ويمتنع الآخر المرجوح فلا قدرة للعبد على فعله فبطل تكليفه به ويرد عليه ذلك النقض وحله أن وجوب الفعل بمجموع القدرة والداعية لا يخرجه عن المقدورية بل يحققها وكذا امتناعه لعدم الداعي فإن معنى كونه قادرا أنه إذا حصل له الإرادة الجازمة بواسطة الداعية مع ارتفاع المانع أثر فيه الرابع إيمان أبي لهب مأمور به أي أمر بأن يؤمن دائما وهو ممتنع لأنه تعالى أخبر بأنه لا يؤمن والإيمان تصديق الرسول فيما علم مجيئه به ومما جاء به أنه لا يؤمن فيكون هو في حال إيمانه على الاستقرار مأمورا بأن يؤمن بأنه لا يؤمن ويصدق بأنه لا يصدق وهو أي تصديقه بعد تصديقه مع كونه مصدقا مستمرا تصديق بما علم من نفسه خلافه ضرورة أي إذا كان مصدقا كان عالما بتصديقه علما ضروريا وجدانيا فلا يمكنه حينئذ التصديق بعدم التصديق لأنه يجد في باطنه خلافه وهو التصديق بل يكون علمه بتصديقه موجبا لتكذيبه في الإخبار بأنه لا يصدق وأنه أي إيمانه المشتمل على ما ذكر محال لاستلزامه الجمع بل التصديق والتكذيب في حالة واحدة وإذا كان المكلف به محالا لم يكن للتكليف بإتيانه فائدة واعترض عليه بأن الإيمان واجب بما علم مجيئه به لا بما جاء به مطلقا سواء علمه المكلف أو لم يعلمه ولا نسلم أن هذا الخبر مما علم أبو لهب مجيئه به حتى يلزم تصديقه فيه وتلخيصه أن الإيمان هو التصديق
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»