المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٢٣
يصير الفعل طاعة وذلك إذا وافق ما دعاه الشرع إليه ومعصية إذا خالفه ويصير علامة للثواب والعقاب لا سببا موجبا لاستحقاقهما ثم إن هذا الذي ذكروه إن لزم القائل بعدم استقلاله العبد في أفعاله فهو لازم لهم أيضا لوجوه الأول إن ما علم الله عدمه من أفعال العبد فهو ممتنع الصدور عن العبد وإلا جاز انقلاب العلم جهلا وما علم الله وجوده من أفعاله فهو واجب الصدور عن العبد وإلا جاز ذلك الانقلاب ولا مخرج عنهما لفعل العبد وأنه يبطل الاختيار إذ لا قدرة على الواجب والممتنع فيبطل حينئذ التكليف وأخواته لابتنائها على القدرة والاختيار بالاستقلال كما ذكرتم فما لزمنا في مسألة خلق الأفعال فقد لزمكم في مسألة علم الله تعالى بالأشياء قال الإمام الرازي ولو اجتمع جملة العقلاء لم يقدروا على أن يوردوا على هذا الوجه حرفا إلا بالتزام مذهب هشام وهو أنه تعالى لا يعلم الأشياء قبل وقوعها واعترض عليه بأن العلم تابع للمعلوم على معنى أنهما يتطابقان والأصل في هذه المطابقة هو العلوم ألا يرى أن صورة الفرس مثلا على الجدار إنما كانت على هذه الهيئة المخصوصة لأن الفرس في حد نفسه هكذا ولا يتصور أن ينعكس الحال بينهما فالعلم بأن زيدا سيقوم غدا مثلا إنما يتحقق إذا كان هو في نفسه بحيث يقوم فيه دون العكس فلا مدخل للعلم في وجوب الفعل وامتناعه وسلب القدرة والاختيار وإلا لزم أن لا يكون تعالى فاعلا مختارا لكونه عالما بأفعاله وجودا وعدما الوجه الثاني ما أراد الله وجوده من أفعال العبد وقع قطعا وما
(٢٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 ... » »»