المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢١٨
وأجيب عن ذلك بالفرق بأن إرادة العبد محدثة أي الفعل يتوقف على مرجح هي الإرادة الجازمة لكن إرادة العبد محدثة فافتقرت أن تنتهي إلى إرادة يخلقها الله فيه بلا إرادة واختيار منه دفعا للتسلسل في الإرادة التي تفرض صدورها عنه وإرادة الله تعالى قديمة فلا تفتقر إلى إرادة أخرى ورد في اللباب هذا الجواب الذي ذكر في الأربعين بأنه لا يدفع التقسيم المذكور إذ يقال إن لم يمكن الترك مع الإرادة القديمة كان موجبا لا قادرا مختارا وإن أمكن فإن لم يتوقف فعله على مرجح كان اتفاقيا واقعا بلا سبب واستغنى أيضا الجائز عن المرجح وإن توقف عليه كان الفعل معه واجبا فيكون اضطراريا والفرق الذي ذكرتموه في المدلول مع الاشتراك في الدليل دليل على بطلان الدليل وإنما يندفع النقض إذا بين عدم جريان الدليل في صورة التخلف وفيه أي في هذا الرد نظر فإن مآله أي مآل ما ذكر من الفرق بين إرادة العبد وإرادة الباري إلى تخصيص المرجح في قولنا ترجح فعله يحتاج إلى مرجح بالمرجح الحادث فإن المرجح القديم المتعلق بالفعل الحادث في وقت لا يحتاج إلى مرجح آخر فيصير الاستدلال هكذا إن تمكن العبد من الفعل والترك وتوقف الترجيح على مرجح وجب أن لا يكون ذلك المرجح منه وإلا كان حادثا محتاجا إلى مرجح آخر ولا يتسلسل بل ينتهي إلى مرجح قديم لا يكون من العبد ويجب الفعل معه فلا يكون العبد مستقلا فيه وأما فعل الباري فهو محتاج إلى مرجح قديم يتعلق في الأزل بالفعل الحادث في وقت معين وذلك المرجح القديم لا يحتاج إلى مرجح آخر فيكون تعالى مستقلا في الفعل وحينئذ لا يتجه النقض ويتم الجواب ولما كان لقائل أن يقول إذ وجب الفعل مع ذلك المرجح القديم كان موجبا لا مختارا أشار إلى دفعه بقوله وأما استلزام ذلك لوجوب الفعل منه فقد عرفت جوابه وهو أن الوجوب المترتب على
(٢١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 ... » »»