المواقف - الإيجي - ج ٣ - الصفحة ٢٢١
واجب ولزمه للاعتراف بهاتين المقدمتين عدم كون العبد موجدا لفعله كما هو مذهبنا ثم بالغ في كون العبد موجدا وزاد على كل من تقدمه حتى ادعى العلم الضروري بذلك قال الإمام وعندي أن أبا الحسين ما كان ممن لا يعلم أن القول بتينك المقدمتين يبطل مذهب الاعتزال يعني في مسألة خلق الأعمال وما يبتنى عليها لكنه لما أبطل الأصول التي عليها مدار الاعتزال خاف من تنبه أصحابه لرجوعه عن مذهبهم فليس الأمر عليهم بمبالغته في ادعاء العلم الضروري بذلك وإلا فهذا التناقض أظهر من أن يخفى على المبتدىء فضلا عمن بلغ درجة أبي الحسين في التحقيق والتدقيق فظهر أنه في هذه المسألة جرى على مذهبنا لا يقال الاعتراف بتوقف صدور الفعل عن القادر على الداعي ووجوب حصوله عند حصوله لا ينافي القول بأن القدرة الحادثة مؤثرة في وجود الفعل وإنما ينافي استقلاله بالفاعلية على سبيل التفويض إليه بالكلية وهو إنما ادعى العلم الضروري في الأول أي التأثير لا في الثاني أي الاستقلال حتى يتجه ما وردتموه عليه لأنا نقول غرضنا في هذا المقام سلب الاستقلال الذي يدعيه أهل الاعتزال كما هو مذهب الأستاذ وإمام الحرمين فإن كان أبو الحسين ساعدنا عليه فمرحبا بالوفاق ولكن يلزم بطلان مذهب الاعتزال بالكلية إذ لا فرق في العقل بين أن يأمر الله عبده بما يفعله هو بنفسه وبين أن يأمره بما يجب عند فعله ويمتنع عند عدمه فإن المأمور على كلا التقديرين غير متمكن من الفعل والترك وأيضا لا فرق بين أن يعذب الله العبد على ما أوجده فيه وبين أن يعذبه على فعل يجب حصوله عندما وجده فيه لأنه لا فرق في العقول بين فاعل القبيح والظلم وبين فاعل ما يوجب القبيح والظلم فمن اعترف بوجوب حصول الفعل عند حصوله الإرادة الجازمة انسد عليه
(٢٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 ... » »»