منا ومنكم فهو بواسطة ما باشره من الدفع ومتولد منه وكذا الكلام في حصول العلم النظري من النظر وحصول أمثاله من أسبابها واعلم أن الآمدي جعل اندفاع الحجر على حسب قصده وإرادته وجها أول من وجوه استدلالاتهم وليس في كلامه ما يدل على أن أبا الحسين ادعى الضرورة ههنا ويؤيده اختلاف الأفعال التي سميت متولدة باختلاف القدر الثابتة للعباد فالأيد القوي يقوى على حمل ما لا يقوى على حمله الضعيف ولو كان الفعل المتولد واقعا بقدرة الله لجاز تحرك الجبل باعتماد الضعيف النحيف وعدم تحرك الخردلة باعتماد الأيد القوي بأن يخلق الله الحركة في الجبل دون الخردلة وأنه مكابرة صرفة فاتضح أن المتولدات مستندة إلى القدرة الحادثة لا مباشرة بل يتوسط أفعال أخر والآمدي جعل هذا التأييد وجها ثانيا من دلائلهم وأما الاحتجاج فلهم فيه وجوه الأول ورود الأمر والنهي بها أي بالأفعال المتولدة كما ورد بالأفعال المباشرة وذلك كحمل الأثقال في الحروب والحدود وبناء المساجد والقناطر والمعارف النظرية كمعرفة الله تعالى وصفاته ومعرفة أحكام الشرع والإيلام بالضرب والطعن والقتل في الجهاد مع الكفار فإنها كلها مأمور بها وجوبا أو ندبا وإيلام ما لا ينبغي إيلامه منهي عنه فلولا أن هذه الأفعال متعلقة بالقدرة الحادثة لما حسن التكليف بها والحث عليها كما لا يحسن التكليف بإيجاد الجواهر والألوان ولا شبهة في أنها ليست مباشرة بالقدرة فهي بواسطة الثاني المدح والذم فإن العقلاء يستحسنون المدح والذم في أمثال هذه الأفعال ويحكمون باستحقاق الثواب والعقاب وذلك يدل على أنها من فعل العبد
(٢٣٣)