الثانية أنه تعالى ما ذكر سؤال الرؤية إلا وقد استعظمه وذلك في ثلاث آيات الأولى * (وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا) * ولو كانت الرؤية ممكنة لما كان طالبها عاتيا مستكبرا بل كان ذلك نازلا منزلة طلب سائر المعجزات الثانية * (وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون) * الثالثة * (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة فأخذتهم الصاعقة بظلمهم) * سمى ذلك ظلما وجازاهم به في الحال ولو جاز لكان سؤالهم سؤالا لمعجزة زائدة والجواب إن الاستعظام إنما كان لطلبهم الرؤية تعنتا وعنادا ولهذا استعظم إنزال الملائكة واستكبر إنزال الكتاب مع إمكانهما ولو كان لأجل الامتناع لمنعهم موسى عن ذلك فعله حين طلبوا وهو أن يجعل لهم إلها إذ قال * (إنكم قوم تجهلون) * ولم يقدم على طلب الرؤية الممتنعة بقولهم وقد مر الثالث قوله تعالى لموسى * (لن تراني) * ولن للتأبيد وإذا لم يره موسى لم يره غيره إجماعا
(١٧١)