قال بعض الفضلاء لا يلزم من رؤيتنا جميع أجزائه أن نراه كبيرا فلعل رؤيته صغيرا وكبيرا تختلف بضيق الزاوية الحاصلة في الناظر من الخطين المتصلين منه لطرفي المرئي وسعتها ولهذا إذا قرب المرئي في الغاية أو بعد صارت لسعتها في الغاية أو لضيقها في الغاية كالمعدومة فانعدمت الرؤية وضعفه ظاهر بناء على تركب الأجزاء التي لا تتجزأ لأن رؤية كل أصغر مما هو عليه توجب الانقسام ورؤيته أكبر مما هو عليه بمثل توجب ألا يرى إلا ضعفا ضعفا وبأقل من مثل توجب الانقسام قوله يلزم تجويز جبال شاهقة لا نراها قلنا هذا معارض بجملة العاليات ثم إمكان مأخذ الجزم بعدم الجبل ما ذكرتم لوجب ألا نجزم به إلا بعد العلم بهذا واللازم باطل لأنه يجزم به من لا يخطر بباله هذه المسألة ولأنه ينجر إلى أن يكون نظريا سلمنا الوجوب في الشاهد ولم يجب في الغائب إذ ماهية الرؤية في الغائب غير ماهية الرؤية في الشاهد فجاز اختلافهما في اللوازم كما يشترط في الشاهد الشروط الستة دون الغائب الثانية شبهة المقابلة وهي أن شرط الرؤية المقابلة أو ما في حكمها نحو المرئي في المرآة وأنها مستحيلة في حق الله تعالى لتنزهه عن المكان والجهة والجواب منع الاشتراط مطلقا كما مر أو في الغائب الثالثة شبهة الانطباع وهي أن الرؤية انطباع صورة المرئي في الحاسة وهو على الله تعالى محال والجواب مثل ما مر وأما السمعية فأربع الأول قوله تعالى * (لا تدركه الأبصار) * والإدراك المضاف إلى الأبصار إنما هو الرؤية أو هما متلازمان لا يصح نفي أحدهما مع إثبات الآخر فالآية نفت أن تراه الأبصار وذلك يتناول جميع الأبصار في جميع الأوقات ولأنه تعالى تمدح بكونه لا يرى وما كان عدمه مدحا كان وجوده نقصا يجب تنزيه الله عنه
(١٦٩)