والايمان في (١) الآية، قوم مخصوصون منهم، وهم أهل الاخلاص والايمان التام فصار ذكر الخاص بعد العام، كذكره تعالى جبرئيل وميكائيل، ثم قال ﴿والملائكة بعد ذلك ظهير﴾ (٢)، وهما من الملائكة ومعنى قوله تبوءوا الدار والايمان) سكنوهما، وإن كان الايمان لا يسكن كما تسكن المنازل، لكنهم لما ثبتوا عليه، واطمأنوا سماه منزلا لهم ومتبوأ، ويجوز أن يكون مثل قوله:
ورأيت زوجك في الوغى * متقلدا سيفا ورمحا (٣) ثم ذكر عليه السلام أن أهل الشام اختاروا لأنفسهم أقرب القوم مما يحبونه، وهو عمرو بن العاص، وكرر لفظة (القوم)، وكان الأصل أن يقول الا وان القوم اختاروا لأنفسهم أقربهم مما يحبون، فأخرجه مخرج قول الله تعالى ﴿واتقوا الله إن الله عليم بذات الصدور﴾ (4) والذي يحبه أهل الشام هو الانتصار على أهل العراق والظفر بهم، وكان عمرو بن العاص أقربهم إلى بلوغ ذلك، والوصول إليه بمكره وحيلته وخدائعه.
والقوم في قوله ثانيا (أقرب القوم)، بمعنى الناس كأنه قال واخترتم لأنفسكم أقرب الناس، مما تكرهونه، وهو أبو موسى الأشعري، واسمه عبد الله بن قيس، والذي يكرهه أهل العراق هو ما يحبه أهل الشام، وهو خذلان عسكر العراق وانكسارهم، واستيلاء أهل الشام عليهم، وكان أبو موسى أقرب الناس إلى وقوع ذلك، وهكذا وقع لبلهه وغفلته وفساد رأيه، وبغضه عليا عليه السلام من قبل.
ثم قال أنتم بالأمس، يعنى في واقعة الجمل، قد سمعتم أبا موسى ينهى أهل الكوفة