عن نصرتي، ويقول لهم هذه هي الفتنة التي وعدنا بها، فقطعوا أوتار قسيكم وشيموا سيوفكم، أي اغمدوها فإن كان صادقا فما باله سار إلى، وصار معي في الصف، وحضر حرب صفين، وكثر سواد أهل العراق وإن لم يحارب، ولم يسل السيف، فان من حضر في إحدى الجهتين وإن لم يحارب كمن حارب، وإن كان كاذبا فيما رواه من خبر الفتنة فقد لزمته التهمة وقبح الاختلاف إليه في الحكومة، وهذا يؤكد صحة إحدى الروايتين في أمر أبى موسى، فإنه قد اختلفت الرواية هل حضر حرب صفين مع أهل العراق أم لا فمن قال حضر، قال: حضر ولم يحارب، وما طلبه اليمانيون من أصحاب علي عليه السلام ليجعلوه حكما كالأشعث بن قيس وغيره الا وهو حاضر معهم في الصف، ولم يكن منهم على مسافة، ولو كان على مسافة لما طلبوه، ولكان لهم فيمن حضر غناء عنه، ولو كان على مسافة لما وافق علي عليه السلام على تحكيمه، ولا كان علي عليه السلام ممن يحكم من لم يحضر معه.
وقال الأكثرون انه كان معتزلا للحرب بعيدا عن أهل العراق وأهل الشام.
فان قلت فلم لا يحمل قوله عليه السلام (فإن كان صادقا فقد أخطأ بسيره غير مستكره) على مسيره إلى أمير المؤمنين عليه السلام وأهل العراق حيث طلبوه ليفوضوا إليه أمر الحكومة؟
قلت لو حملنا كلامه عليه السلام على هذا لم يكن لازما لأبي موسى، وكان الجواب عنه هينا، وذلك لان أبا موسى يقول إنما أنكرت الحرب وما سرت لأحارب ولا لأشهد الحرب، ولا أغرى بالحرب، وإنما سرت للاصلاح بين الناس، وإطفاء نائرة الفتنة، فليس يناقض ذلك ما رويته عن الرسول من خبر الفتنة، ولا ما قلته في الكوفة في واقعة الجمل: (قطعوا أوتار قسيكم).