تقدمت ظهر لهم معها الاحتياج إليهم فحدثوا قبل ذلك أو لأنهم سئلوا ذلك اما بصريح السؤال واما بقرينة الحال وأما السن الذي إذا بلغه المحدث انبغى له الامساك عن التحديث فهو السن الذي يخشى عليه فيه من الهرم والخرف ويخاف عليه فيه أن يخلط ويروي ما ليس من حديثه والناس في بلوغ هذه السن يتفاوتون بحسب اختلاف أحوالهم وهكذا إذا عمي وخاف أن يدخل عليه ما ليس من حديثه فليمسك عن الرواية وقال بن خلاد أعجب إلي أن يمسك في الثمانين لأنه حد الهرم فإن كان عقله ثابتا ورأيه مجتمعا يعرف حديثه ويقوم به وتحرى أن يحدث احتسابا رجوت له خيرا ووجه ما قاله أن من بلغ الثمانين ضعف حاله في الغالب وخيف عليه الاختلال والاخلال وأن لا يفطن له إلا بعد أن يخلط كما اتفق لغير واحد من الثقات منهم عبد الرزاق وسعيد بن أبي عروبة وقد حدث خلق بعد مجاوزة هذا السن فساعدهم التوفيق وصحبتهم السلامة منهم أنس بن مالك وسهل بن سعد وعبد الله بن أبي أوفى من الصحابة ومالك والليث وابن عيينة وعلي بن الجعد في عدد جم من المتقدمين والمتأخرين وفيهم غير واحد حدثوا بعد استيفاء مائة سنة منهم الحسن بن عرفة وأبو القاسم البغوي وأبو إسحاق الهجيمي والقاضي أبو الطيب الطبري رضي الله عنهم أجمعين والله أعلم ثم إنه لا ينبغي للمحدث ان يحدث بحضرة من هو أولى منه بذلك وكان إبراهيم والشعبي إذا اجتمعا لم يتكلم إبراهيم بشئ وزاد بعضهم فكره الرواية ببلد فيه من المحدثين من هو أولى منه لسنه أو ليغر ذلك روينا عن يحيى بن معين قال إذا حدثت في بلد فيه مثل أبي مسهر فيجب للحيتي أن تحلق وعنه أيضا إن الذي يحدث بالبلدة وفيها من هو ألوى بالتحديث منه أحمق وينبغي للمحدث إذا التمس منه ما يعلمه عند غيره في بلده أو غيره بإسناد أعلى من إسناده أو أرجح من وجه آخر أن يعلم الطالب به ويرشده إليه فإن الدين النصيحة ولا يمتنع من تحديث أحد لكونه غير صحيح النية فيه فإنه يرجى له حصول النية من بعد روينا عن معمر قال كان يقال إن الرجل ليطلب العلم لغير الله فيأبى عليه العلم حتى يكن لله عز وجل وليكن حريصا على نشره مبتغيا جزيل أجره وقد كان في السلف رضي الله عنهم من يتألف الناس على حديثه منهم عروة بن الزبير رضي الله عنهما والله أعلم وليقتد بمالك رضي الله عنه فيما أخبرناه أبو القاسم الفراوي بنيسابور قال أنا أبو المعالي الفارسي قال أنا أبو بكر البيهقي الحافظ قال أنا أبو عبد الله
(١٤٨)