الاستذكار - ابن عبد البر - ج ٧ - الصفحة ٣٨١
كتب عمر بن الخطاب إلى عمير بن سعد اما بعد فإنه من قبلك من المسلمين ان يكاتبوا ارقاءهم على مسالة الناس وسفيان عن عبد الكريم الجزري عن نافع عن بن عمر انه كان يكره ان يكاتب غلامه إذا لم يكن له حرفة ويقول تأمروني ان اكل أوساخ الناس وروى وكيع عن سفيان عن أبي جعفر الفراء عن بن أبي ليلى الكندي ان سلمان أراد ان يكاتب عبده فقال من اين قال اسال الناس قال أتريد ان تطعمني أوساخ الناس وأبى ان يكاتبه قال أبو عمر هذا تنزه واختيار والله أعلم وقد كوتبت بريرة ولا حرفة لها وبدأت بسؤال الناس من حين كوتبت وتذبذب الناس إلى عون المكاتب لما فيه من عتق الرقاب وروى الثوري عن أبي جعفر الفراء عن جعفر بن أبي سروان عن أبي التياح مؤذن علي قال قلت لعلي اكاتب وليس لي مال قال نعم ثم حصن الناس علي فأعطيت ما فضل عن كتابتي فأتيت عليا فقال اجعلها في الرقاب واما اختلاف أهل العلم في معنى قوله تعالى * (فكاتبوهم) * [النور 33] فهل هي على الوجوب أو على الندب والارشاد فان مسروق بن الأجدع وعطاء بن أبي رباح وعمرو بن دينار والضحاك بن مزاحم وجماعة أهل الظاهر كانوا يقولون واجب على كل من سأله مملوكه وعلم عنده [خيرا] ان يعقد له كتابته مما يتراضيان به واحتجوا بأن عمر بن الخطاب أجبر انس بن مالك على كتابة لعبده سيرين أبي محمد بن سيرين بالدرة وروى قتادة وموسى بن انس بن مالك ان سيرين والد محمد بن سيرين سأله الكتابة [وكان كثير المال] فأبى فانطلق إلى عمر فقال عمر لانس كاتبه فأبى فضربه بالدرة وتلا * (فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا) * [النور 33] فكاتبه انس وقد قيل إن عمر رفع الدرة على انس لأنه أبى ان يأتيه شيئا [من كتابته] لا على عقد الكتابة أولا وقال بن جريج قلت لعطاء واجب على إذا علمت له مالا ان اكاتبه فقال ما أراه الا واجبا وقالها عمرو بن دينار وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة وأصحابهم والثوري وهو قول الحسن
(٣٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 376 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 ... » »»