بما ينقص عن قيمة اللبن بكل حال لا بما قد يكون قيمته مثل قيمة اللبن أو أكثر بكثير لأنه إنما يلزمه رد ما كان موجودا حال البيع دون ما حدث بعده.
وهلا جعله شبيها بقضاء النبي [صلى الله عليه وسلم] في الجنين بغرة عبد أو أمة حين لم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه كذلك لبن التصرية اختلط بالحادث بعد ولم يوقف على حده فقضى فيه بأمر ينتهي إليه ثم من أخبره بأن قضاء النبي [صلى الله عليه وسلم] في المصراة كان قبل نسخ العقوبات في الأموال حتى يجعله منسوخا معها.
وأبو هريرة من أواخر من صحب النبي [صلى الله عليه وسلم] وحمل خبر التصرية عنه في آخر عمره وعبد الله بن مسعود أفتى به بعد رسول الله [صلى الله عليه وسلم] ولا مخالف له في ذلك من الصحابة.
فلو صار إلى قول عبد الله ومعه ما ذكرنا من السنة الثابتة التي لا معارض له كان أولى به من دعوى النسخ في أخبار النبي [صلى الله عليه وسلم] بالتوهم.
وأعجب من هذا أن من يدعي تسوية الأخبار على مذهبه يحكي ما ذكرنا عن بعض أصحابه ثم يدعي نسخ خبر المصراة بأنه المشتري ملك لبنا دينا بصاع تمر دين فقد حل ذلك محل بيع الدين بالدين ثم نهى رسول الله [صلى الله عليه وسلم] من بعد عن بيع الدين بالدين.
وروي حديث موسى بن عبيدة الربذي عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر أن النبي [صلى الله عليه وسلم]: نهى عن بيع الكالئ بالكالئ.
فصار ذلك منسوخا به وهذا من الضرب الذي تغني حكايته عن جرابه.
أي بيع جرى بينهما على اللبن بالتمر حتى يكون ذلك بيع دين بدين.
ومن أتلف على غيره شيئا فالمتلف غير حاضر والذي يلزمه من الضمان غير حاضرا فيجعل دينا بدين حتى لا يوجب الضمان.
ويعدل عن إيجاب الضمان إلى حكم آخر.
وقد يكون ما حلب من اللبن حاضرا عنده في آنيته أفيجعل ذلك محل / الدين بالدين أو يكون خارجا في حديث موسى بن عبيدة.
وحديث موسى بن عبيدة لو كان يصرح بنسخ حديث المصراة لم يكن فيه حجة