فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وقد علت وجهه حمرة من الغضب فقال أي ثكلتك أمك وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف لم يصبحوا يتعلقوا بالحرف مما جاءتهم به أنبياؤهم ألا وإن من ذهاب العلم أن يذهب أهله ثلاث مرات حدثنا أحمد بن عبد الوهاب ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة أخبرني علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه فمر رجل بغار فيه شئ من ماء فجذبته نفسه أن يقيم في ذلك الغار فيقوت ما فيه من ماء ويصيب مما حوله من البقل ويتخلى من الدنيا ثم قال لو أني أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فإن اذن لي فعلت وإلا لم أفعل فأتاه فقال يا نبي الله إني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثني نفسي بأن أقيم وأتخلى من الدنيا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لم أبعث باليهودية ولا النصرانية ولكني بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفسي بيده لغداة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة ثنا علي بن يزيد قال سمعت القاسم يحدث عن أبي أمامة قال مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد فكان الناس يمشون خلفه فلما سمع صوت النعال وقر ذلك نفسه فحبس حتى قدمهم أمامة لئلا يقع في قلبه شئ من الكبر فلما مر ببقيع الغرقد إذا بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال من دفنتم ههنا اليوم قالوا يا نبي الله فلان قال إنهما ليعذبان الآن ويفتنان في قبريهما قالوا يا رسول الله وما ذاك قال أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما أحدهما فكان لا يتنزه من البول وأخذ جريدة رطبة فشقها
(٢١٦)