والترويح، وهو في كل ذلك لم يخرج عن الحقيقة والواقع.
ثم ختم الكتاب بعبارة الحسن البصري - الإمام الرباني - المعبرة عن نظرية السلف وثقات الأئمة في تقييم الزمن، ونظرتهم إلى الأوقات، والتي يقول فيها:
" أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه وديناره " (1).
وهذه الخاتمة كشفت - كما هو الحال في ثنايا الكتاب - مقاصد المصنف في تحريه لوضع هذا الكتاب. فهو إنما أراد الاعتبار بالشيب، واغتنام العمر في كل أطواره من لحظة الوعي والإدراك حتى ساعة الارتحال إلى الآخرة.
6 - والتعمير في سني العمر، والفسحة في الأجل نعمة كبيرة من نعم الله - عز وجل - يمن الله بها على عباده، وقد قرع الله الكافرين ووبخهم على طوال جحودهم وصدودهم عن الحق مع أنهم عاشوا طويلا إلا أنهم لم ينتفعوا بهذه الفسحة من العمر، وهي فترة كافية للتذكر والإنابة والإياب لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكورا.
قال الله - عز وجل -: " أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر " (2).
7 - وهؤلاء الضالون المكذبون لم ينتفعوا بنعمة العمر الممدود، ولم يجد الحق منهم إلا العناد والصلف والصدود، وهو الذين سيقولون يوم الدين " بل لبثنا يوما أو بعض يوم " (3) " ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة " (4).
و هكذا تنزع البركة من هذه الأعمال الخالية الخاوية، قد عاش قوم وهم في الناس أموات والتعمير يكون بطول الأجل وعد الأعوام، كما يكون بالبركة في العمر،