كتاب العمر والشيب - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٩
بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونصلي ونسلم على نبينا وقدوتنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وأصحابه الصالحين المصلحين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
1 - فالمسلم يتقلب في نعم الله ورحماته وبركاته طورا بعد طور وحالة بعد حالة، فإن تنشأ في طاعة الله وأمضى شبابه في طريقه المستقيم فهو موعود بظل العرش يوم القيامة، يوم تكون الشمس على رؤوس الخلائق وهم يخوضون في العرق والكرب والهول. قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة ربه، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر خاليا ففاضت عيناه " (1).
وإن عاش، ومد الله في عمره حتى علاه المشيب فإن شيبه نور، وله بكل شيبة حسنة، ويرفع بها درجة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، " الشيب نور المؤمن، لا يشيب رجل شيبة في الإسلام إلا كانت له بكل شيبة حسنة ورفع بها درجة " (2).
2 - والمؤمن منهي عن تمني الموت، والزيادة في عمره نعمة بالغة لو أحسن توظيفها في الصالحات من الأعمال.
وفي " صحيح مسلم " من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى

(1) أخرجه البخاري في " صحيحه: 1 / 168 " كتاب الصلاة، باب من جلس في المسجد ينتظر الصلاة.
ومسلم في " صحيحه: 2 / 715 " كتاب الزكاة، باب فضل إخفاء الصدقة، رقم 91.
(2) أخرجه البيهقي بإسناد حسن. أنظر " الصحيحة " للشيخ ناصر حفظه الله رقم (1243).
(٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 5 7 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»