كتاب العمر والشيب - ابن أبي الدنيا - الصفحة ١٥
من إرادته عاصما، وفي الصلاح عصمة من هذه الآفة.
قال الشعبي: " من قرأ القرآن لم يخرف " (1).
وقال عبد الملك بن عمير: " أبقى الناس عقولا قراءة القرآن " (2).
وفي الصلاح ضمان لاستمرار العمل الصالح واضطراده وإن خارت القوى، وكلت الحواس والأعضاء.
قال عكرمة " لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم " (3) قال: الشباب " ثم رددناه أسفل سافلين " (3) قال: الهرم.
" إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات " (3) قال: المؤمن إذا رد إلى أرذل العمر كتب له أحسن ما كان يعمل في صحته وشبابه (4).
قلت: وهذا كلام نفيس ففي مسند أحمد - وهو في " صحيح البخاري " أيضا عن أبي موسى الأشعري، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا " (5).
وما أجل الصورة التي سجلها الإمام الحسن البصري - بشهادته الصادقة - لحال السلف مع الزمن، وحرصهم عليه، واهتمامهم به. فإنه قال: " أدركت أقواما كان أحدهم أشح على عمره منه على درهمه وديناره " (6).
أقوال: وهذا حال الثقات الأثبات، الذين يتطلعون إلى أشرف الغايات وأنبل التوجهات. فالأوقات هي لبنات الحياة، ووقت المؤمن جد كله لعلمه بشرف

(1) المصدر السابق: رقم (79).
(2) المصدر السابق: رقم (80).
(3) سورة التين / 4 - 6.
(4) انظر رقم (81) من هذا الكتاب.
(5) أخرجه أحمد في " المسندة ": 4 / 410.
(6) انظر رقم (91).
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 21 ... » »»