وقال ابن سيرين وابن زيد: امر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها. لان المشركين كانوا لا يتطهرون، ولا يطهرون ثيابهم.
وقال طاووس: وثيابك فقصر. لان تقصير طهرة لها.
والقول الأول: أصح الأقوال.
ولا ريب ان تطهيرها من النجاسات وتقصيرها من جملة التطهير المأمور به إذ به تمام اصلاح الاعمال والأخلاق. لان نجاسة الظاهر تورث نجاسة الباطن.
ولذلك امر القائم بين يدي الله عز وجل بإزالتها والبعد عنها.
والمقصود: ان الورع يطهر دنس القلب ونجاسته كما يطهر الماء دنس الثوب ونجاسته، وبين الثياب والقلوب مناسبة ظاهرة وباطنة ولذلك تدل ثياب المرء في المنام على قلبه وحاله، ويؤثر كل منهما في الاخر. ولهذا ونهى عن لباس الحرير والذهب وجلود السباع لما تؤثر في القلب من الهيئة المنافية للعبودية والخشوع. وتأثير القلب والنفس في الثياب امر خفي. يعرفه أهل البصائر من نظافتها ودنسها ورائحتها، وبهجتها وكسفتها حتى أن ثوب البر ليعرف من ثوب الفاجر، وليسا عليهما.
وقد جمع النبي (ص) الورع كله في كلمة واحدة فقال (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعينه) فهل يعم الترك لما لا يعني من الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة. فهذه الكلمة كافية شافية في الورع.
وقال إبراهيم بن أدهم: الورع ترك كل شبهة، وترك ما لا يعنيك هو ترك