الفرق بين شتات الوقت، والتعلق بالتفرق: كالفرق بين السبب والمسبب. والنفي والاثبات. فإنه يشتت وقته. فلا يجد بدا من التعلق بما سوى مطلوبه الحق. إذ لا تعطيل في النفس ولا في الإدارة. فمن لم يكن الله مراده أراد ما سواه. ومن لم يكن هو وحده معبوده عبد ما سواه. ومن لم يكن عمله لله فلا بد ان يعمل لغيره. وقد تقدم هذا.
فالمخلص يصونه الله بعبادته وحده، وإرادة وجهه وخشيته وحده، ورجائه وحده، والطلب منه، والذل له، والافتقار إليه وحده.
وإنما كان هذا أعلى من الدرجة الثانية: لان أربابها اشتغلوا بحفظ الصيانة من الكدر وملاحظتها. وذلك عند أهل الدرجة الثالثة: تفرق عن الحق.
واشتغال عن مراقبته بحال نفوسهم. فادب أهل هذه أدب حضور، وأدب أولئك أدب غيبة اه.
وقسم الراغب الاصفهاني الورع إلى ثلاثة مراتب:
1 - واجب وهو الاحجام عن المحارم، وذلك للناس كافة.
2 - وندب وهو الوقوف عن الشبهات، وذلك للاواسط.
3 - وفضيلة: وهو الكف عن كثير من المباحات والاقتصار عن أقل الضرورات، وذلك للنبيين والصديقين والشهداء والصالحين.