وهذا يدل على تبحر في الاخبار والمواعظ والنوادر ويدلك على ذلك أيضا كثرة تصانيفه، كما سيأتي.
اما عن عمله، فقال قال الخطيب: كان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء.
وقال أحمد بن كامل: كان ابن أبي الدنيا مؤدب المعتضد.
وقال الخطيب اخبرني عبد الله بن أبي بكر بن شاذان أخبرنا أبي حدثنا أبو ذر القاسم بن داود بن سليمان قال حدثني ابن أبي الدنيا قال: دخل المكتفي (1) على الموفق ولوحه بيده، فقال مالك لوحك بيدك؟ قال: مات غلامي واستراح من الكتاب، قال: ليس هذا من كلامك، هذا كان الرشيد امر ان يعرض عليه ألواح أولاده في كل يوم اثنين وخميس فعرضت عليه، فقال لابنه: ما لغلامك ليس لوحك معه؟ قال: مات واستراح من الكتاب قال: وكان الموت أسهل عليك من الكتاب قال: نعم قال فدع الكتاب، قال ثم جئته فقال لي: كيف محبتك لمؤدبك؟ قال: كيف لا أحبه وهو أول من فتق لساني بذكر الله وهو من ذاك ان شئت أضحكك، وإذا شئت أبكاك، قال: يا راشد احضرني هذا، قال (اي ابن أبي الدنيا) فأحضرت فقربت قريبا من سريره وابتدأت في اخبار الخلفاء ومواعظهم فبكى بكاء شديدا.
قال فجاءني راغب أو يانس فقال لي: كم تبكي الأمير؟ فقال قطع الله يدك مالك وله يا راشد تنح عنه، قال وابتدأت فقرات عليه نوادر الاعراب، قال فضحك ضحكا كثيرا، ثم قال: شهرتني شهرتني، وذكر الخبر بطوله.
قال أبو ذر فقال لأحمد بن محمد بن الفرات: اجر له خمسة عشر دينارا كل شهر، قال أبو ذر: فكنت اقبضها لابن أبي الدنيا إلى أن مات.
اشتهر ابن أبي الدنيا بكثرة تصانيفه فقد ذكر الذهبي له في السيد (163) مصنفا، في شتى الفنون خصوصا المواعظ والسير والاخبار، وقد اعتمد على كتبه كثير من المؤرخين كالخطيب البغدادي وغيره، والمفقود من مؤلفاته أكثر من الموجود. فمن مؤلفاته المطبوعة:
1 - الحلم.