الورع - ابن أبي الدنيا - الصفحة ١١
اخبر الله عز وجل ان كسب القلوب سبب للران الذي يعلوها. وأخبر انه أركس المنافقين بما كسبوا. فقال (والله أركسهم بما كسبوا) النساء: 88 وأخبر ان نقص الميثاق الذي اخذه على عباده سبب لتقسية القلب.
فقال (فبما نقضهم ميثاقهم لعنهم وجعلنا قلوبهم قسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به) المائدة: 13 فجعل ذنب النقض موجبا لهذه الآثار: من تقسية القلب، واللعنة، وتحريف الكلم، ونسيان العلم.
فالمعاصي للايمان كالمرض والحمى للقوة، سواء بسواء ولذلك قال السلف: المعاصي بريد الكفر، كما أن الحمى بريد الموت.
فايمان صاحب القبائح كقوة المريض على حسب قوة المرض وضعفه.
وهذه الأمور الثلاثة - وهي صون النفس، وتوفير الحسنات وصيانة الايمان - هي ارفع من باعث العامة على الورع، لان صاحبها ارفع همة لأنه عامل على تزكية نفسه وصونها، وتأهلها للوصول إلى ربها، فهو يصونها عما يشينها عنده، ويحجبها عنه ويصون حسناته عما يسقطها ويضعها، لأنه يسير بها إلى ربه.
ويطلب بها رضاه ويصون ايمانه بربه: من حبه له وتوحيده ومعرفته به، ومراقبته إياه عما يطفئ نوره، ويذهب بهجته، ويوهن قوته.
قال الشيخ [اي الهروي]:
(وهذه الثلاث الصفات: هي في الدرجة الأولى من ورع المريدين). ويعني ان للمريدين درجتين أخريين من الورع فوق هذه. ثم ذكرهما فقال (الدرجة الثانية: حفظ الحدود عند مالا باس به، ابقاء على الصيانة والتقوى، وصعودا عن الدناءة وتخلصا عن اقتحام الحدود).
(١١)
مفاتيح البحث: الكسب (1)، المرض (2)، الموت (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»
الفهرست