بسم الله الرحمن الرحيم بين يدي الكتاب مع صفحات من تراثنا الخالد نحيا في هذا الكتاب مع إمامنا، العالم، العلامة، مؤدب الخلفاء، وواعظ الجلساء ابن أبي الدنيا، صاحب المخبآت والعجائب.
هذا الكتاب الذي بين أيدينا يعلمنا أن المؤمن في دنياه يبتلى بالأذى، في ماله، ونفسه، وأهله فيظل مهموما حزينا، لا يستريح من هم الدنيا وغمها حتى يلقي ربه عز وجل.
ويرشدنا هذا الكتاب إي أن الحزن الممدوح هو كان على ما ضاع من وقت في غير طاعة للرحمن، أو ما ذهب من عمر المرء عبثا وسدي، ويعلمنا هذا الكتاب فضل السلوة عن أحزان الدنيا وهموما، بأحزان الصالحين خوفا على أنفسهم من عقاب ربهم.
ونجد في هذا الكتاب شؤم الحزن على متاع الدنيا الزائل، وأليم الحسرات عند الممات لمن عاش مهموما من أجلها.
وفي المقابل نجد الفرح والسرور لأهل الحزن على ضياع الطاعات، وشدة الاستبشار عند الممات لمن لم ييأس على ما فاته من حطام الدنيا، ولعل كلمات شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه مالله - توضح هذا المعنى.
يقول رحمه الله:
" قد يقترن بالحزن ما يثاب صاحبه عليه، ويحمد عليه فيكون محمودا من تلك الجهة، لا من جهة الحزن.
كالحزين على مصيبة دينه، وعلى مصائب المسلمين عموما، فهذا يثاب على ما في قلبه من حب الخير، وبغض الشر، وتوابع ذلك.
ولكن الحزن على ذلك إذا أفضي إلى ترك مأمور من الصبر، والجهاد، وجلب منفعة، ودفع مضرة نهي عنه وإلا كان حسب صاحبه رفع الاثم عنه، من جهة الحزن.
وأما أن أفضي إلى ضعف القلب، واشتغاله به عن فعل ما أمر الله، ورسوله