الدنيا وهم الذين تقر أعينهم غدا بطلعة ذلك الموت عليهم قال ثم يبكي حتى يبل لحيته (119) حدثنا عبد الله قال قال محمد حدثنا داود بن المحبر ثنا شبيب بن شيبة قال تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن مروان فوصف المتقي فقال رجل آثر الله على خلقه وآثر الآخرة على الدنيا فلم تكترثه المطالب ولم تغنه المطامع نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته فسما نحوها ملتمسا لها فدهره محزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسجون انقطعت من همته الراحة دون منيته فشفاه القرآن ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها فقال عبد الملك أرخى بالا وأنعم عيشا حال من ملأت الآخرة قلوبهم (120) حدثنا عبد الله قال أخبرني محمد بن الحسين حدثني إسماعيل بن زياد قال قدم علينا عبادان راهب من أهل الشام فينزل دير أبي كبشة فذكروا من حكمة كلامه ما حملني إلى لقائه فأتيته وهو داخل الدير وقد اجتمع إليه ناس وهو يقول إن لله عبادا سمت بهم همهم نحو عظيم الذخائر فاحتقروا ما دون ذلك من الاخطار والتمسوا من فضل سيدهم توفيقا يبلغهم سمو الهمة فإن استطعتموهم أيها المرتحلون عن قريب أن تأخذوا ببعض أمرهم قوم ملأت الآخرة قلوبهم فاتخذوا الدنيا فيها مليا فالحزن بثهم والدموع والدوب وسيلتهم والاشفاق شغلهم وحسن الظن بالله قربانهم يحزنون لطول المكث في الدنيا إذا فرح أهلها فهم فيها مسجونون وإلى
(٨٠)