تقدمت ترجمته في مشايخ ابن أبي الدنيا.
وعليه فيكون سن ابن أبي الدنيا في الفترة التي ذكرها إبراهيم الحربي عشر سنوات أو أقل، باعتبار أن ابن أبي الدنيا ولد سنة " 208 ه "، وعفان اختلط أول سنة " 219 ه " وترك الأئمة السماع منه عند اختلاطه.
وصبي في العاشرة من عمره حقه أن لا يشار إليه بالرواية عن شيخه، وتركه آخر، إلا إذا كان نابغة متفردا معروفا بتقدم السماع، ولا أضن أن ابن أبي الدنيا قد بلغ ذاك وهو في هذه السن المبكرة.
وأرى أن لتوجيه أبيه أثرا كبيرا في ميله إلى البرجلاني دون عفان لاهتمام أبيه بأحاديث الزهد والرقائق، كما هو ظاهر من الأحاديث والروايات التي أوردها عنه في " كتاب الصمت ". إذ يستبعد على ابن أبي الدنيا وهو في مثل هذه السن المبكرة الاستقلالية في التوجيه، وإمكانية التمييز بين الشيوخ.
وعلى هذا فانتقاد إبراهيم الحربي لابن أبي الدنيا ضرب من المبالغة وتحميل الصبي فوق طاقه. بل إن انتقاده يحمل في ثناياه منقبة لابن أبي الدنيا للدلالة على أمرين نافعين:
أولهما، تبكيره في طلب العلم.
وثانيهما: أنه كان معتبرا وملحوظا عند المحطين وعمره عشر سنين، أو دون ذلك.
وهاتان فائدتان عزيزتان لم أجدهما عند أحد ممن ترجمه. ورب ضارة نافعه. رحم الله علماء الأمة، وأثابهم على حزمهم جزيل الثواب.
وفى الختام أعود إلى ما قلته في بداية هذا الموضوع: إن بعض هذه المؤاخذات وإن كانت مبالغا فيها، فإنها واردة على ابن أبي الدنيا، وإنما كان نقدها محاولة لوضعها في إطارها الصحيح، وإعطائها حجمها من غير تهويل أو تساهل.
وعلى هذا فإن بعض ما قاله الذهبي في ابن أبي الدنيا صحيح، فقد رأيت له أصلا من خلال دراستي لكتاب " الصمت " ولكنها شواهد نادرة جدا.