الإخوان - ابن أبي الدنيا - الصفحة ٤٦
أو غرابة أو فائدة، قال الذهبي في ترجمة إبراهيم بن إسحاق الحربي " ت 285 ه‍ " وهو الحافظ الإمام العلم " يظهر في تصانيف الحربي أنه ينزل في أحاديث، ويكثر مها، وهذا يدل على أنه لم يزل طلابة للعلم " (1).
والإمام الذهبي الذي يصف ابن أبي الدنيا بالوصف المتقدم، ويعتب عليه إكثاره، هو نفسه صنع ما صنعه ابن أبي الدنيا، وأوتي من الإقبال على سماع الحديث والنهمة في طلبه ما جعله يقول عن نفسه في ترجمة علي بن مظفر الإسكندراني " ت 716 ه‍ ". " ولم يكن عليه ضوء في دينه، حملني الشرة على السماع من مثله والله يسامحه كان يخل بالصوات، ويرمى بعظائم الأمور " (2) (قال عن شيخ آخر من شيوخه: أنه كان من عوام الطلبة (3): بل دفعه حبه للإكثار من الشيوخ أن يسمع من الشيخ محمود بن محمد الخرائطي " ت 716 ه‍ (وكان به صمم فقال: قرأت عليه بأعلى صوتي في أذنه " (4).
5 - أما اعتذار الإمام الذهبي عن أبي أبى الدنيا فيما نقده عليه بأنه كان قليل الرحلة، فإنه غير مسلم، فليس كل من قلت رحلته نزل سنده. واضطر إلى الرواية عمن دونه، فهناك عشرات من الأئمة والحفاظ ممن صنع صنيع ابن أبي الدنيا، ولم يرحل، واكتفى بجمع حديث بلده، لا سيما إذا كان بلده يموج بالعلم والعلماء كما كان عليه الحال ببغداد وقتها، وممن صنع مثل هذا من الأئمة الإمام ابن الأخرم أبو عبد الله محمد بن يعقوب النيسابوري " ت 344 ه‍ " وهو حافظ متقن قال الذهبي: " وجمع فأوعى، ومع حفظه وسعة علمه لم يرحل في طلب الحديث، بل قنع بحديث بلده " (5).
وكذلك الحافظ الكبير أبو الفرج عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي " ت 597 ه‍ " فإنه لم يرحل عن بغداد لطلب العلم، واكتفى بجمع العلم من شيوخها " (6) الوافرين كثرة، حتى أصبح إماما كبيرا وحافظا عظيما. قال ناصح الدين ابن الحنبلي: اجتمع فيه من العلوم ما لم يجتمع في غيره " (7).

(١) الذهبي - سير النبلاء: ١٣ / ٣٦٢.
(٢)، (٣)، (٤) د - بشار عواد - مقدمة سير النبلاء: ١ / ٢٢ - ٢٣.
(٥) الذهبي - سير النبلاء: ١٥ / ٤٦٧، تذكرة الحفاظ: ٣ / ٨٦٤.
(٦) ناجية عبد الله - مقدمة المصباح المضي في خلافه المستضئ: 1 / 23.
(7) ابن رجب - ذيل طبقات الحنابلة 1 / 411.
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تصدير 5
2 الفصل الأول - حياة ابن أبى الدنيا - وفيه أربعة مطالب 9
3 المطلب الأول: نشأته وبيئته 11
4 1 - اسمه ونسبه 11
5 2 - تأثره بالظاهر العلمية والزهدية 11
6 3 - وفاته 15
7 المطلب الثاني: شيوخه 16
8 المطلب الثالث: مكانته العلمية 27
9 1 - ثقاته 27
10 2 - تأديبه أولاد الخلفاء 34
11 3 - آراء العلماء فيه 39
12 المطلب الرابع: مؤاخذات العلماء عليه 42
13 المطلب الخامس: آثار ابن أبى الدنيا العلمية 50
14 أولا: تلاميذه 50
15 ثانيا: مؤلفاته 56
16 الفصل الثاني: وفيه دراسة " كتاب الإخوان " ويشتمل على خمسة مطالب 69
17 المطلب الأول: عنوان الكتاب وصحة نسبه لابن أبى الدنيا 71
18 المطلب الثاني: منهج الكتاب 73
19 المطلب الثالث: أهميته الكتاب 75
20 المطلب الرابع: وصف النسخة الخطية 77
21 المطلب الخامس: عملي في الكتاب 79
22 * القسم الثاني: نص كتاب الإخوان لابن أبى الدنيا وفيه ستة عشر بابا * 1 - ذكر المتحابين في الله - عز وجل - وفضل منزلتهم عند الله - عز وجل 85
23 2 - الرغبة في الإخوان والحث عليهم 109
24 3 - من أمر بصحبته ورغب في اعتقاده مودته 119
25 4 - إعلام الرجل أخاه بشدة مودته إياه 135
26 5 - اتفاق القلوب على المودة 143
27 6 - شدة الشوق إلى لقاء الإخوان والتسلي بمحادثتهم عن العموم والأحزان 149
28 7 - في زيارة الإخوان 157
29 8 - في إغباب الزيارة 165
30 9 - في ذكر مصافحة أهل المودة 171
31 10 - مصافحة أهل المودة 177
32 11 - في معانقة الإخوان 183
33 12 - في بشاشة الرجل لأخيه وطلاقة وجهه إليه إذا لقيه 189
34 13 - في تقبيل الإخوان 197
35 14 - في سخاء النفس بالبذل للإخوان 203
36 15 - في إطعام الطعام للإخوان وفضل ذلك والحث على الرغبة فيه 225
37 16 - تعاهد الإخوان بالكسوة 237