ثم عد الذهبي جملة منهم، على سبيل الاختصار، فبلغوا أربعة وتسعين شيخنا. وعدتهم عند الحافظ المزي مائة وتسعة عشر شيخنا، ذكرهم مرتبين على حروف المعجم (1).
وقد تحصل لي من شيومه - في " كتاب الصمت " وحده - مائتان وخمسة عشر شيخنا من شيوخه المباشرين الذين سمع منهم.
فقد كان لرغبته في طلب العلم، وهمته في جمعه وتحصيله - بعد جمعه لحديث الأئمة - يتتبع حملة العلم من الغرباء والمغمورين، ومن هوم دونه من العلماء والمحدثين ليشبع نهمته ويملأ جعبته، مما جعل الذهبي يقول فيه (2):
" ويروى عن خلق كثير لا يعرفون، وعن طائفة من المتأخرين كيحيى ابن أبي طالب، وأبى قلابة الرقاشي، وأبى حاتم الرازي، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وعباس الدوري ".
وقد اخترنا أن نتحدث عن اثنى عشر شيخا من شيوخه بشئ من التفصيل ممن كان لهم أثر ظاهر في صقل شخصيته العلمية وتكوينه.
1 - محمد بن عبيد - والد ابن أبي الدنيا:
نشأ ابن أبي الدنيا وتعلم في كنف ورعاية وتربية والده، الإمام محمد بن عبيد بن سفيان، مولى بنى أمية.
روى عن هشيم بن بشيز، وجرير بن عبد الحميد، وسفيان بن عيينة، وأبى بكر بن عياش، وهشام بن محمد الكلبي، ومحمد بن جعفر المراني.
وكان له في ابن أبي الدنيا أعظم الأثر، وخصوصا في جانبي الحديث والزهد.
فقد سمع منه حديثا كثيرا وقد بلغ عدد الروايات التي سمعها منه ابن أبي الدنيا في هذا الكتاب عشر روايات (3)، وتغلب على مروياته الزهديات والرقائق.
قال الخطيب البغدادي (4): " روى عنه ابنه أبو بكر - يعنى ابن أبي الدنيا -