الطلبة في آخر حياته وحتى السنة التي توفى فيها. أمثال الختلي عبد الرحمن بن أحمد البغدادي (1) " ت بضع وثلاثين وثلاثمائة "، وابن الجراب إسماعيل بن يعقوب البغدادي (2) " ت 345 " ه ".
حزمه ورجولته:
لقد حفظت لنا بعض المصادر صورة مشرقة من صور الحزم والرجولة في شخصية ابن أبي الدنيا فإنه قال مرة: " كنت أؤدب المكتفى فأقرأته يوما " كتاب الفصيح " فأخطأ فقرصت خده قرصة شديدة وانصرفت، فلحقتين رشيق الخادم فقال: " يقال لك: ليس من التأديب سماع المكروه، قال:
فقلت: سبحان الله أنا لا أسمع المكروه غلامي ولا أمتي، قال: فخرج إلى ومعه كاغد، وقال: يقال لك: صدقت يا أبا بكر وإذا كان يوم السبت تجيئ على عادتك. فلما كان يوم السبت جئته، فقلت: أيها الأمير، تقول عنى ما لم أقل؟ قال: نعم يا مؤدبي من فعل ما لم يجب قيل عنه ما لم يكن " (3).
وفى القصة دلالة صريحة على حزم ابن أبي الدنيا وعدم محاباته لاحد حتى ولو كان ابن أمير المؤمنين. وفيها حرصة الشديد على إفادة طلابه ومتابعتهم، وعدم التهاون في الأمور العلمية، كما فيها ثقة الخليفة المعتضد به وبصدقه، مما دعاه إلى أن يكذب ابنه الأمير الكتفي، فرد لابن أبي الدنيا اعتباره ودعاه إلى مواصلة تأديب ابنه. كما أن فيها منقبة للمعتضد، من رجاحة عقل، وعدل وإنصاف، فلم تأخذه العزة " وهو المسمى بالسفاع الثاني " حينما أهين ابنه.
وإنما أقر ابن أبي الدنيا على صنيعه، ودعاه لمواصلة تأديبه لابنه.
ظرافته وأدبه:
ومما وصلنا كذلك من جوانب شخصية ابن أبي الدنيا هذه الصورة التي تدل على ظرافته وخفة روحه، وأدبه مع طلابه، وحبه لهم، مع أنه كان من