الإخوان - ابن أبي الدنيا - الصفحة ١٤
الطلبة في آخر حياته وحتى السنة التي توفى فيها. أمثال الختلي عبد الرحمن بن أحمد البغدادي (1) " ت بضع وثلاثين وثلاثمائة "، وابن الجراب إسماعيل بن يعقوب البغدادي (2) " ت 345 " ه‍ ".
حزمه ورجولته:
لقد حفظت لنا بعض المصادر صورة مشرقة من صور الحزم والرجولة في شخصية ابن أبي الدنيا فإنه قال مرة: " كنت أؤدب المكتفى فأقرأته يوما " كتاب الفصيح " فأخطأ فقرصت خده قرصة شديدة وانصرفت، فلحقتين رشيق الخادم فقال: " يقال لك: ليس من التأديب سماع المكروه، قال:
فقلت: سبحان الله أنا لا أسمع المكروه غلامي ولا أمتي، قال: فخرج إلى ومعه كاغد، وقال: يقال لك: صدقت يا أبا بكر وإذا كان يوم السبت تجيئ على عادتك. فلما كان يوم السبت جئته، فقلت: أيها الأمير، تقول عنى ما لم أقل؟ قال: نعم يا مؤدبي من فعل ما لم يجب قيل عنه ما لم يكن " (3).
وفى القصة دلالة صريحة على حزم ابن أبي الدنيا وعدم محاباته لاحد حتى ولو كان ابن أمير المؤمنين. وفيها حرصة الشديد على إفادة طلابه ومتابعتهم، وعدم التهاون في الأمور العلمية، كما فيها ثقة الخليفة المعتضد به وبصدقه، مما دعاه إلى أن يكذب ابنه الأمير الكتفي، فرد لابن أبي الدنيا اعتباره ودعاه إلى مواصلة تأديب ابنه. كما أن فيها منقبة للمعتضد، من رجاحة عقل، وعدل وإنصاف، فلم تأخذه العزة " وهو المسمى بالسفاع الثاني " حينما أهين ابنه.
وإنما أقر ابن أبي الدنيا على صنيعه، ودعاه لمواصلة تأديبه لابنه.
ظرافته وأدبه:
ومما وصلنا كذلك من جوانب شخصية ابن أبي الدنيا هذه الصورة التي تدل على ظرافته وخفة روحه، وأدبه مع طلابه، وحبه لهم، مع أنه كان من

(١) انظر ترجمته في الفصل الثاني " شيوخه وتلاميذه ".
(٢) الخطيب - تاريخ بغداد: ٦ / ٣٠٤، الذهبي - سير أعلام النبلاء:
١٥
/ ٤٩٧.
(٣) ابن شاكر الكتبي - فوات الوفيات: ١: 494 - 495.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 8 9 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 تصدير 5
2 الفصل الأول - حياة ابن أبى الدنيا - وفيه أربعة مطالب 9
3 المطلب الأول: نشأته وبيئته 11
4 1 - اسمه ونسبه 11
5 2 - تأثره بالظاهر العلمية والزهدية 11
6 3 - وفاته 15
7 المطلب الثاني: شيوخه 16
8 المطلب الثالث: مكانته العلمية 27
9 1 - ثقاته 27
10 2 - تأديبه أولاد الخلفاء 34
11 3 - آراء العلماء فيه 39
12 المطلب الرابع: مؤاخذات العلماء عليه 42
13 المطلب الخامس: آثار ابن أبى الدنيا العلمية 50
14 أولا: تلاميذه 50
15 ثانيا: مؤلفاته 56
16 الفصل الثاني: وفيه دراسة " كتاب الإخوان " ويشتمل على خمسة مطالب 69
17 المطلب الأول: عنوان الكتاب وصحة نسبه لابن أبى الدنيا 71
18 المطلب الثاني: منهج الكتاب 73
19 المطلب الثالث: أهميته الكتاب 75
20 المطلب الرابع: وصف النسخة الخطية 77
21 المطلب الخامس: عملي في الكتاب 79
22 * القسم الثاني: نص كتاب الإخوان لابن أبى الدنيا وفيه ستة عشر بابا * 1 - ذكر المتحابين في الله - عز وجل - وفضل منزلتهم عند الله - عز وجل 85
23 2 - الرغبة في الإخوان والحث عليهم 109
24 3 - من أمر بصحبته ورغب في اعتقاده مودته 119
25 4 - إعلام الرجل أخاه بشدة مودته إياه 135
26 5 - اتفاق القلوب على المودة 143
27 6 - شدة الشوق إلى لقاء الإخوان والتسلي بمحادثتهم عن العموم والأحزان 149
28 7 - في زيارة الإخوان 157
29 8 - في إغباب الزيارة 165
30 9 - في ذكر مصافحة أهل المودة 171
31 10 - مصافحة أهل المودة 177
32 11 - في معانقة الإخوان 183
33 12 - في بشاشة الرجل لأخيه وطلاقة وجهه إليه إذا لقيه 189
34 13 - في تقبيل الإخوان 197
35 14 - في سخاء النفس بالبذل للإخوان 203
36 15 - في إطعام الطعام للإخوان وفضل ذلك والحث على الرغبة فيه 225
37 16 - تعاهد الإخوان بالكسوة 237