أحلل حيث شئت، فقال: مع عبد الرحمن بن خالد، وذكر من فضله، فقال:
ذاك إليكم، فرجع إلى عبد الرحمن.
[وفي رواية أخرى].
لما قدم مسيرة أهل الكوفة على معاوية، أنزلهم دارا، ثم خلا بهم، فقال لهم وقالوا له، فلما فرغوا، قال: لم تؤتوا إلا من الحمق، والله ما أرى منطقا سديدا، ولا عذرا مبينا، ولا حلما ولا قوة، وإنك يا صعصعة لأحمقهم، اصنعوا وقولوا ما شئتم ما لم تدعوا شيئا من أمر الله، فإن كل شئ يحتمل لكم إلا معصيته، فأما فيما بيننا وبينكم فأنتم أمراء أنفسكم. فرآهم بعد وهم يشهدون الصلاة، ويقفون مع قاص الجماعة، فدخل عليهم يوما وبعضهم يقرئ بعضا، فقال: إن في هذا لخلفا مما قدمتم به علي من النزاع إلى أمر الجاهلية، إذهبوا حيث شئتم واعلموا أنكم إن لزمتم جماعتكم سعدتم بذلك دونهم، وإن لم تلزموها شقيتم بذلك دونهم، ولم تضروا أحدا، فجزوه خيرا وأثنوا عليه، فقال: يا ابن الكواء، أي رجل أنا: قال: بعيد الثرى، كثير المرعى طيب البديهة، بعيد الغور، الغالب عليك الحلم، ركن من أركان الإسلام، سدت بك فرجة مخوفة. قال: فأخبرني عن أهل الإحداث من أهل الأمصار فإنك أعقل أصحابك. قال: كاتبتهم وكاتبوني، وأنكروني وعرفتهم، فأما أهل الإحداث من أهل المدينة فهم أحرص الأمة على الشر، وأعجزه عنه، وأما أهل الاحداث من أهل الكوفة فإنهم أنظر الناس في صغير، وأركبه لكبير، وأما أهل الاحداث من أهل البصرة فأنهم يردون جميعا، ويصدرون شتى، وأما أهل الإحداث من أهل مصر فهم أوفى الناس بشر، وأسرعه ندامة، وأما أهل الإحداث من أهل الشام فأطوع الناس لمرشدهم، وأعصاه لمغويهم.