وغشي الوجوه عائشة وعلي في عسكره، ودخل القعقاع بن عمرو على عائشة في أول من دخل، فسلم عليها، فقالت: إني رأيت رجلين بالأمس اجتلدا بين يدي وارتجزا بكذا، فهل تعرف كوفيك منهما؟ قال: نعم، ذاك الذي قال: " أعق أم نعلم " وكذب والله إنك لأبر أم نعلم، ولكن لم تطاعي، فقالت: والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة. وخرج فأتى عليا فأخبره أن عائشة سألته، فقال: ويحك من الرجلان؟ قال: ذلك أبو هالة الذي يقول:
كيما أرى صاحبه عليا فقال: والله لوددت أني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة، فكان قولهما واحدا.
وتسلل الجرحى في جوف الليل، ودخل البصرة من كان يطيق الانبعاث منهم، وسألت عائشة يومئذ عن عدة من الناس، منهم من كان معها، ومنهم من كان عليها، وقد غشيها الناس، وهي في دار عبد الله بن خلف، فكلما نعي لها منهم واحد قالت: يرحمه الله، فقال لها رجل من أصحابها: كيف ذلك؟ قالت:
كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلان في الجنة. وفلان في الجنة، وقال علي بن أبي، طالب يومئذ: إني لأرجو ألا يكون أحد من هؤلاء نقى قلبه إلا أدخله الله الجنة.
قال علي: ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية أفرح له من قول الله عز وجل: