عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٧١
إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبدانهم، فخفف عنا؟. فقال الجبار: يا محمد قال: لبيك وسعديك. قال: إنه لا يبدل القول لدي، كما فرضت عليك في أم الكتاب. قال: فكل حسنة بعشر أمثالها فهي خمسون في أم الكتاب، وهي خمس عليك، فرجع إلى موساى فقال: كيف فعلت؟ فقال: خفف عنا، أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها. قال موساى: قد والله راودت بني إسرائيل على أدنى من ذالك فتركوه، ارجع إلى ربك فليخفف عنك أيضا: قال رسول الله يا موساى قد والله استحييت من ربي مما اختلفت إليه. قال: فاهبط بسم الله. قال: واستيقظ وهو في مسجد الحرام ا مطابقته للترجمة تؤخذ من قوله: وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله وعبد العزيز بن عبد الله بن يحيى الأويسي المدني، وسليمان هو ابن بلال، وشريك بن عبد الله بن أبي نمر بفتح النون وكسر الميم المدني التابعي، وهو أكبر من شريك بن عبد الله النخعي القاضي وقال النووي: جاء في رواية شريك أوهام أنكرها العلماء من جملتها أنه قال ذلك قبل أن يوحى إليه، وهو غلط لم يوافق عليه، وأيضا: العلماء أجمعوا على أن فرض الصلاة كان ليلة الإسراء، فكيف يكون قبل الوحي؟ قوله: ابن مالك هو أنس بن مالك، كذا وقع في كثير من النسخ، وصرح في بعضها: أنس بن مالك، رضي الله عنه.
ثم إن البخاري أورد حديث الإسراء من رواية الزهري عن أنس عن أبي ذر في أوائل كتاب الصلاة، وأورده من رواية قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة في بدء الخلق وفي أوائل البعثة قبيل الهجرة وفي صفة النبي عن إسماعيل بن أبي أويس. وأخرجه مسلم في الإيمان عن هارون بن سعيد الأيلي.
قوله أنه جاءه وفي رواية الكشميهني: إذ جاءه. قوله: ثلاثة نفر أي: من الملائكة. قوله: قبل أن يوحى إليه أنكرها الخطابي وابن حزم وعبد الحق والقاضي عياض والنووي، وقد مضى الآن ما قاله النووي، وقد صرح هؤلاء المذكورون بأن شريكا تفرد بذلك. قيل: فيه نظر، لأنه وافقه كثير بن خنيس بضم الخاء المعجمة وفتح النون عن أنس كما أخرجه سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي في المغازي من طريقه. قوله: وهو نائم في المسجد الحرام قد أكد هذا بقوله في آخر الحديث فاستيقظ وهو في المسجد الحرام قوله: أيهم هو؟ أي: محمد، وكان عند رسول الله رجلان آخران. قيل إنهما حمزة بن عبد المطلب عمه وجعفر بن أبي طالب ابن عمه. قوله:
فقال أحدهم أي: أحد النفر الثلاثة. قوله: أوسطهم هو خيرهم أي: مطلوبك هو خير هؤلاء. قوله: خذوا خيرهم لأجل أن يعرج به إلى السماء. قوله: وكانت أي: كانت هذه القصة في تلك الليلة لم يقع شيء آخر فيها. قوله: فلم يرهم أي: بعد ذلك حتى أتوه ليلة أخرى لم يعين المدة التي بين المجيئين فيحمل على أن المجيء الثاني كان بدء الوحي إليه وحينئذ وقع الإسراء والمعراج، وإذا كان بين المجيئين مدة فلا فرق بين أن تكون تلك المدة ليلة واحدة أو ليالي كثيرة أو عدة سنين، وبهذا يرتفع الإشكال عن رواية شريك ويحصل الوفاق أن الإسراء كان في اليقظة بعد البعثة وقبل الهجرة، فيسقط تشنيع الخطابي وابن حزم وغيرهما بأن شريكا خالف الإجماع في دعواه أن المعراج كان قبل البعثة. وقال الكرماني: ثبت في الروايات الأخر أن الإسراء كان في اليقظة. وأجاب بقوله: إن قلنا بتعدده فظاهر، وإن قلنا باتحاده فيمكن أن يقال: كان في أول الأمر في اليقظة وآخره في النوم، وليس فيه ما يدل على كونه نائما في القصة كلها. قوله: حتى احتملوه أي: احتمل هؤلاء النفر الثلاثة النبي فوضعوه عند بئر زمزم فإن قلت: في حديث أبي ذر: فرج سقف بيتي، وفي حديث مالك بن صعصعة: أنه كان في الحطيم. قلت: إذا تعدد الإسراء فلا إشكال، وإذا اتحد فالإشكال باق على حاله. قوله: إلى لبته بفتح اللام وتشديد الباء الموحدة هو موضع القلادة من الصدر، وقال الداودي: إلى لبته: إلى عانته، لأن اللبة العانة. وقال ابن التين: وهو الأشبه، وفيه الرد على من أنكر شق الصدر عند الإسراء، وزعم أن ذلك إنما وقع وهو صغير، وثبت ذلك في غير رواية شريك في الصحيحين من حديث أبي ذر، ووقع الشق أيضا عند البعثة كما أخرجه أبو داود
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»