عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٦٦
مالك فأتيناه فسلمنا عليه فأذن لنا، فقلنا له: يا أبا سعيد جئناك من عند أخيك أنس بن مالك فلم نر مثل ما حدثنا في الشفاعة، فقال: هيه؟ فحدثناه بالحديث فانتهاى إلى هاذا الموضع، فقال: هيه؟ فقلنا: لم يزد لنا على هاذا، فقال: لقد حدثني وهو جميع منذ عشرين سنة، فلا أدري أنسي أم كره أن تتكلوا؟ قلنا: يا أبا سعيد فحدثنا. فضحك وقال خلق الإنسان عجولا ما ذكرته إلا وأنا أريد أن أحدثكم: حدثني كما حدثكم به، قال: ثم أعود الرابعة فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدا فيقال يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع، فأقول: يا رب ائذن لي فيمن قال: لا إلاه إلا الله، فيقول: وعزتي وجلالي وكبريائي وعظمتي لأخرجن منها من قال: لا إلاه إلا الله ا مطابقته للترجمة ظاهرة. فإن فيه سؤالات من النبي والأجوبة من الله عز وجل.
ومعبد بفتح الميم وسكون العين المهملة وفتح الباء الموحدة وبالدال المهملة ابن هلال العنزي نسبة إلى عنز بالعين المهملة وبالنون والزاي، وهو عبد الله بن وائل بن قاسط ينتهي إلى ربيعة بن نزار، وهو بصري، وقال الكرماني: لم يتقدم ذكره. قلت: كأنه أشار بهذا إلى أنه لم يرو في البخاري إلا حديث الشفاعة هذا.
والحديث أخرجه مسلم في الإيمان عن أبي ربيع الزهراني وغيره. وأخرجه النسائي في التفسير عن يحيى بن جندب ولم يذكر فيه حديث الحسن.
قوله: ناس من أهل البصرة بيان لقوله: اجتمعنا وهو مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي: وهم ناس، أو: ونحن ناس من أهل البصرة، يعني: ليس فيهم أحد من غير أهلها. قوله: بثابت بالثاء المثلثة في أوله ابن أسلم البصري أبو محمد البناني، نسبة إلى بنانة بضم الباء الموحدة وتخفيف النون الأولى، وكانت أمة لسعد بن لؤي حضنت بنته، وقيل: زوجته ونسب إليها ولد سعد، وعبد العزيز بن صهيب ليس منسوبا إلى القبيلة، وإنما قيل له البناني لأنه كان ينزل سكة بنانة بالبصرة، وعلي بن إبراهيم البناني منسوب إلى بنانة ناحية من نواحي الشاهجان. قوله: يسأله أي: يسأل ثابت أنسا وهو من الأحوال المقدرة. قوله: في قصره كان قصر أنس، رضي الله تعالى عنه، بموضع يسمى الزاوية على نحو فرسخين من البصرة. قوله: أول أي: أسبق ووزنه أفعل أو فوعل فيه اختلاف بين علماء التصريف. قوله: يا أبا حمزة أصله: يا أبا حمزة، حذفت الألف للتخفيف، وأبو حمزة بالحاء المهملة والزاي كنية أنس. قوله: فقال: حدثنا أي: فقال أنس: حدثنا محمد قوله: ماج الناس أي: اضطربوا واختلطوا من هيبة ذلك اليوم، يقال: ماج البحر اضطربت أمواجه. قوله: لست لها أي: ليس لي هذه المرتبة. قوله: عليكم بإبراهيم لم يذكر فيه نوحا فإنه سبق في الروايات الأخر، قال آدم: عليكم بنوح، ونوح قال: عليكم بإبراهيم، وقال الكرماني: لعل آدم قال: ائتوا غيري نوحا وإبراهيم وغيرهما، قلت: ليس فيه ما يغني عن الجواب، ويمكن أن يكون آدم ذكر نوحا أيضا وذهل عنه الراوي هنا. قوله: فإنه كليم الله كذا في رواية الأكثرين، وفي رواية الكشميهني: فإنه كلم الله بلفظ الفعل الماضي. قوله: فيقال: يا محمد وفي رواية الكشميهني: فيقول، في المواضع الثلاثة. قوله: أنا لها أي: للشفاعة يعني: أنا أتصدى بهذا الأمر. قوله: فأقول: يا رب أمتي أمتي قيل الطالبون للشافعة منه عامة الخلائق وذلك أيضا للإراحة من هول الموقف لا للإخراج من النار، وأجاب القاضي عياض وقال: المراد فيؤذن لي في الشفاعة الموعود بها في إزالة الهول، وله شفاعات أخر خاصة بأمته، وفيه اختصار. وقال المهلب: فأقول: يا رب أمتي أمتي مما زاد سليمان بن حرب على سائر الرواة، وقال الداودي: ولا أراه محفوظا. لأن الخلائق اجتمعوا واستشفعوا ولو كانت هذه الأمة لم تذهب إلى غير نبيها، وأول هذا الحديث ليس متصلا بآخره، وإنما أتى فيه بأول الأمر وآخره وفيما بينهما ليذهب كل أمة من كان يعبد، وحديث: يؤتى بجهنم، وحديث ذكر الموازين والصراط وتناثر الصحف والخصام بين يدي الرب، جل جلاله، وأكثر أمور يوم القيامة هي فيما بين أول هذا الحديث وآخره. قوله: ذرة بفتح الذال المعجمة
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»