عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٧٣
مقبض القوس والسية بكسر السين وخفة التحتانية وهي ما عطف من طرفيها، ولكل قوس قابان، وقيل: أصله قابي قوس. وقال الخطابي: ليس في هذا الكتاب حديث أبشع مذاقا منه لقوله: ودنا الجبار فتدلى فإن الدنو يوجب تحديد المسافة والتدلي يوجب التشبيه بالمخلوق الذي تعلق من فوق إلى أسفل، ولقوله: وهو مكانه لكن إذا اعتبر الناظر لا يشكل عليه وإن كان في الرؤيا فبعضها مثل ضرب ليتأول على الوجه الذي يجب أن يصرف إليه معنى التعبير في مثله، ثم إن القصة إنما حكاها بحليتها أنس بعبارته من تلقاء نفسه لم يعزها إلى رسول الله ثم إن شريكا كثير التفرد بمناكير لا يتابعه عليها سائر الرواة، ثم إنهم أولوا التدلي فقيل: تدلى جبريل، عليه السلام، بعد الارتفاع حتى رآه النبي، متدليا كما رآه مرتفعا، وقيل: تدلى محمد شاكرا لربه على كرامته، ولم يثبت في شيء صريحا أن التدلي: مضاف إلى الله تعالى، ثم أولوا مكانه بمكان النبي، قوله: ماذا عهد إليك ربك؟ أي: أمرك أو أوصاك؟ قال: عهد إلي خمسين صلاة فيه حذف تقديره: عهد إلي أن أصلي وآمر أمتي أن يصلوا خمسين صلاة. قوله: أن نعم هذا هكذا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: أي نعم، وكلمة: أن، بالفتح وسكون النون مفسرة. فهي في المعنى هنا مثل: أي. قوله: إنه لا يبدل القول لدي قيل: ما تقول في النسخ فإنه تبديل القول؟ وأجيب: بأنه ليس هذا تبديلا بل هو بيان انتهاه الحكم. قوله: في أم الكتاب هو اللوح المحفوظ. قوله: قد والله راودت قيل: قد حرف لازم دخوله على الفعل، وأجيب بأنه داخل عليه والقسم مقحم بينهما لتأكيده، وجواب القسم محذوف أي: والله قد راودت. قوله: راودت بني إسرائيل من المراودة وهي المراجعة. قوله: أبدانا والفرق بين البدن والجسم أن البدن من الجسد ما دون الرأس والأطراف. قوله: كل ذلك يلتفت وفي رواية الكشميهني: يلتفت. قوله: فرفعه وفي رواية المستملي: يرفعه، بالياء آخر الحروف والأول أولى. قوله: عند الخامسة أي: عند المرة الخامسة. قال الكرماني: إذا خفف كل مرة عشر ففي المرة الأخيرة خمس تكون هذه الدفعة سادسة، ثم أجاب بقوله: ليس فيه هذا الحصر، فربما خفف بمرة واحدة خمسة عشرا وأراد به عند تمام الخامسة، وقيل: هذا التنصيص على الخامسة على أنها الأخيرة يخالف رواية ثابت عن أنس أنه وضع عنه في كل مرة خمسا، وأن المراجعة كانت تسع مرات. قلت: كأن الكرماني لم يقف على رواية ثابت، فلذلك أغفلها. قوله: ارجع إلى ربك فليخفف عنك هذا أيضا بعد قوله: إنه لا يبدل القول لدي قال الداودي: لا يثبت هذا لتواطؤ الروايات على خلافه، وما كان موسى، عليه السلام، ليأمره بالرجوع بعد أن يقول الله تعالى له ذلك. قوله: قال: فاهبط بسم الله ظاهر السياق يشعر بأن القائل بقوله اهبط بالخطاب للنبي، أنه موسى، عليه الصلاة والسلام، وليس كذلك بل القائل بذلك هو جبريل، عليه السلام، وبذلك جزم الداودي. قوله: واستيقظ أي رسول الله والحال أنه في المسجد الحرام. قال القرطبي: يحتمل أن يكون استيقاظا من نومة نامها بعد الإسراء، لأن إسراءه لم يكن طول ليلته وإنما كان بعضها، ويحتمل أن يكون المعنى: أفقت مما كنت فيه مما خامر باطنه من مشاهدة الملأ الأعلى لقوله تعالى: * (لقد رأى من ءايات ربه الكبرى) * فلم يرجع إلى حال بشريته إلا وهو بالمسجد الحرام، وأما قوله في أوله: بينا أنا نائم فمراده في أول القصة وذلك أنه كان قد ابتدأ نومه فأتاه الملك فأيقظه. وفي قوله في الرواية الأخرى: بينا أنا بين النائم واليقظان. أتاني الملك، إشارة إلى أنه لم يكن استحكم في نومه. فإن قلت: ما وجه تخصيص موسى، عليه السلام، بالقضية المذكورة دون غيره ممن لقيه النبي من الأنبياء، عليهم السلام؟ قلت: إما لأنه في السابعة فهو أول من وصل إليه أو لأن أمته أكثر من أمة غيره وإيذاءهم له أكثر من غيره، أو لأن دينه فيه الأحكام الكثيرة والتشريعات العظيمة الوافرة إذا الإنجيل مثلا أكثر مواعظ. فإن قلت: في حديث مالك بن صعصعة، رضي الله تعالى عنه، أنه لقيه في الصعود في السادسة؟ قلت: يحتمل أن موسى، عليه السلام، صعد إلى السابعة من السادسة فلقيه النبي في الهبوط في السابعة.
38 ((باب كلام الرب عز وجل مع أهل الجنة))
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»