الطيالسي في مسنده وأبو نعيم والبيهقي في دلائل النبوة قوله: ثم أتى بطست بفتح الطاء وكسرها ويقال بالإدغام طس، وهو الإناء المعروف. قوله: فيه تور بفتح التاء المثناة من فوق وسكون الواو وبالراء وهو إناء يشرب فيه. قوله: محشوا كذا وقع بالنصب على الحال، وقال بعضهم: حال من الضمير في الجار والمجرور، والتقدير: بطست كائن من ذهب، فنقل الضمير من اسم الفاعل إلى الجار والمجرور. انتهى. قلت: هذا كلام من لم يشم شيئا من العربية، والذي يتصدى لشرح مثل هذا الكتاب يتكلم في ألفاظ الأحاديث النبوية مثل هذا الكلام أفلا يعلم أنه يعرض ما يقوله على ذوي الألباب والبصائر؟ والذي يقال: إن محشوا حال من التور الموصوف بقوله: من ذهب قوله: إيمانا قال بعضهم: منصوب على التمييز، وهذا أيضا تصرف واه، وإنما هو مفعول قوله: محشوا لأن اسم المفعول يعمل عمل فعله. وقوله: وحكمة عطف عليه قبل الإيمان والحكمة معنيان فكيف يحشى بهما؟ وأجيب: بأن معناه أن الطست كان فيه شيء يحصل به كما لهما، فالمراد سببهما مجازا. قوله: فحشا به صدره حشا على بناء المعروف وفيه ضمير يرجع إلى جبريل، عليه السلام، وصدره منصوب على المفعولية، وهذا هكذا رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: حشي، على بناء المجهول وصدره مرفوع به. قوله: ولغاديده بفتح اللام وبالغين المعجمة وبالدالين المهملتين جمع لغد، وقال الجوهري: اللغاديد هي اللحمات يعني التي بين الحنك وصفحة العنق، واحدها لغدود أو لغديد، ويقال له أيضا: لغد، وجمعه: ألغاد. وقد فسرها في الحديث بقوله: يعني عروق حلقه قوله: ثم عرج به بفتح الراء أي صعد به. قوله: إلى السماء الدنيا فإن قلت: كيف كان مجيئه من عند بئر زمزم بعد الشق والإطباق إلى سماء الدنيا؟ قلت: إن كانت القصة متعددة فلا إشكال، وإن كانت متحدة ففي الكلام حذف كثير تقديره: ثم أركبه البراق إلى بيت المقدس ثم أتى بالمعراج. قوله: ما يريد الله به في الأرض كذا في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: بما يريد، أي: على لسان من شاء كجبريل، عليه السلام. قوله: يطردان أي: يجريان. فإن قلت: هذا يخالف حديث مالك بن صعصعة فإن فيه بعد ذكر سدرة المنتهى، فإذا في أصلها أربعة أنهار. قلت: أصل نبعهما من تحت سدرة المنتهى ومقرهما في السماء الدنيا ومنها ينزلان إلى الأرض: فالنيل نهر مصر والفرات بالتاء الممدودة في الخط وصلا ووقفا فهو عليه ريف العراق. قوله: عنصرهما أي: عنصر النيل والفرات، وقال الكرماني بضم الصاد وفتحها وهو مرفوع بالبدلية. قوله: أذفر بالذال المعجمة وبالفاء والراء مسك جيد إلى الغاية شديد ذكاء الريح. فإن قلت: الكوثر في الجنة والجنة في السماء السابعة لما روى أحمد عن حميد الطويل عن أنس رفعه: دخلت الجنة فإذا فيها نهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي مجرى مائه فإذا مسك أذفر، فقال جبريل، عليه السلام: هذا الكوثر الذي أعطاك الله تعالى قلت: أجيب بأنه يمكن أن يكون في هذا الموضع شيء محذوف تقديره: ثم مضى به من السماء الدنيا إلى السماء السابعة، وفيه تأمل. قوله: إبراهيم في السادسة وموسى في السابعة قيل: مر في آخر كتاب الفضائل أن موسى كان في السادسة وإبراهيم في السابعة. وأجيب: بأن النووي قال: إن كان الإسراء مرتين فلا إشكال، وإن كان مرة واحدة فلعله وجده في السادسة ثم ارتقى هو أيضا إلى السابعة. قوله: بتفضيل كلام الله أي: بسبب أن له فضلا بكلام الله إياه، وهذا هكذا في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: بفضل كلام الله. قوله: فقال موساى: رب لم أظن أن يرفع علي أحد، كذا هو في رواية الكشميهني: أن يرفع، على صيغة المجهول، و: أحد، بالرفع به وفي رواية غيره: أن ترفع علي، صيغة المعلوم خطاب الله عز وجل، واحدا مفعول: ترفع. وقال ابن بطال: فهم موسى، عليه السلام، من اختصاصه بكلام الله عز وجل له في الدنيا دون غيره من البشر بقوله تعالى: * (قال ياموسى إنى اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ مآ ءاتيتك وكن من الشاكرين) * أن المراد بالناس هنا البشر كلهم، فلما فضل الله محمدا عليه بما أعطاه من المقام المحمود وغيره ارتفع على موسى وغيره بذلك. قوله: ثم علا به أي: ثم علا جبريل بالنبي، عليهما الصلاة والسلام بما لا يعلمه إلا الله حتى جاء سدرة المنتهى أي: منتهى علم الملائكة. أو منتهى صعودهم، أو أمر الله تعالى أو أعمال العباد. قوله: ودنا الجبار قيل: مجاز عن قربه المعنوي وظهور منزلته عند الله وتدلى أي: طلب زيادة القرب وقاب قوسين هو منه، عبارة عن لطف المحل وإيضاح المعرفة، ومن الله إجابته ورفيع درجته إليه: و: ألقاب، ما بين
(١٧٢)